+A
A-

هل ينجح المركزي التركي بحماية شركات الصادرات؟

أقر البنك المركزي التركي تدابير جديدة للحد من التداعيات الاقتصادية الناجمة عن تفشي فيروس "كورونا المستجد"، حيث تهدف إلى دعم آليات التحويل النقدي ومرونة البنوك في إدارة السيولة وتدفقات الائتمان للشركات المصدرة للسلع والخدمات.

وقال البنك، في بيان أمس (الثلاثاء)، إنه يمكن الآن تنفيذ محفظة عمليات السوق المفتوحة بطريقة محتملة وقد يتم تعديل الحدود اعتماداً على ظروف السوق، موضحاً أن هذه العمليات تهدف إلى تعزيز فعالية آلية التحويل النقدي من خلال زيادة عمق السوق، وتمكين التسعير السليم للأصول، وتحقيق المرونة للبنوك في إدارة السيولة.

وأضاف البنك أنه سيشتري لفترة مؤقتة سندات دين محلية حكومية اشترتها بنوك من صندوق التأمين ضد البطالة في البلاد، ويمكن لهذه البنوك، كوكيل أساسي، أيضاً زيادة تسهيلات السيولة المقدمة في إطار آلية التحويل النقدي.

وتابع البيان أن الأوراق المالية المدعومة بالأصول والرهن العقاري مدرجة الآن في مجموعة ضمانات تحت عمليات الليرة التركية والعملات الأجنبية، مشيراً إلى أن ذلك سيساعد على تعزيز سيولة إصدارات الأوراق المالية المماثلة وتعميق أسواق رأس المال.

ورفع البنك المركزي التركي الحدود لتسهيلات السيولة الإضافية المستهدفة، وقرر عقد مزادات مبادلة لليرة التركية مع استحقاق لمدة ستة أشهر، حيث سيتم تزويد البنوك بالسيولة بالليرة التركية مقابل الدولار أو اليورو أو الذهب، بسعر فائدة يقل بواقع 1.25% عن سعر إعادة الشراء لمدة أسبوع واحد البالغ 9.75%. وقال إن الاعتمادات المعاد خصمها بالليرة التركية لخدمات التصدير والعملات الأجنبية ستمتد إلى الشركات المصدرة للسلع والخدمات، وفقا لصحيفة "الشرق الأوسط".

وكان نائب رئيس البنك المركزي التركي، أوغوزخان أوزباش، قال أول من أمس إن اقتصاد بلاده سيتجاوز أزمة تفشي فيروس كورونا في أقصر وقت وبأقل خسائر نسبية، وذلك بفضل بنيته الديناميكية. وأضاف أن المكتسبات التي حققها الاقتصاد التركي، خلال المراحل الماضية، ساهمت في تعزيز مقاومته ضد أزمة "كورونا"، ومع تقلص سرعة انتشار الفيروس سيبدأ الاقتصاد التركي في الانتعاش، إذ إن البنك المركزي يمتلك إمكانية السرعة في اتخاذ القرارات وتنفيذ القرارات المتخذة، كما أنه يمتلك أدوات مالية واقتصادية واسعة وفعالة، يستخدمها بقوة وبسرعة، وسيستمر في ذلك.

وكان الرئيس التركي رجب طيب إأدوغان، أعلن في وقت سابق من الشهر الجاري، حزمة بقيمة 15 مليار دولار لدعم الاقتصاد مع خفض الضرائب للأعمال التجارية وإجراءات لمساعدة العائلات ذات الدخل المحدود. ورأى خبراء أنه رغم أن هذه الإجراءات قد تعود بالفائدة على الشركات فإنهم حذروا من ارتفاع مرتقب في معدلات البطالة وانخفاض النمو، إضافة إلى التداعيات المدمّرة المحتملة للوباء على قطاع السياحة الذي يؤمن وظائف لمئات الآلاف. وأشار الخبراء إلى أن مكمن القلق بشكل أساسي هو أن الاقتصاد التركي كان قبل تفشي الوباء يحقق نمواً طفيفاً للغاية منذ أزمة الليرة عام 2018.

وارتفع معدل البطالة في تركيا إلى 13.7% العام الماضي مقابل 11% في عام 2018، بينما سجل معدل التضخم نحو 12.4% في شهر فبراير الماضي.

وقال المحلل في مركز أبحاث "غلوبال سورس"، أتيلا يشيل آدا، إن "إجراءات السلطات التركية توافقت مع تلك التي اتخذتها بلدان أخرى لمواجهة فيروس كورونا، لكنها غير كافية إطلاقاً" بناء على توقعات الخبراء. وحذر من خسائر عديدة في الوظائف مع إغلاق الكثير من المتاجر، وأوصى بأن تمنح الحكومة دعماً مالياً بسهولة أكبر.

وأعلنت الحكومة التركية في منتصف مارس الماضي، أن نحو 150 ألف شركة ومشروع تجاري أغلقت مؤقتاً. وقال يشيل آدا إن "الطريقة الأميركية هي الطريقة الأكثر أماناً: اكتب شيكا ولا تسأل أي سؤال"، مضيفاً: "ذلك من أجل ضمان ألا تضر البطالة ببقية الاقتصاد".

ولفت يشيل آدا إلى أن ميزانية الحكومة التركية العام الماضي أنفقت "بسخاء"، وأن السيولة قد تنفذ وبالتالي قد تضطر السلطات إلى طباعة المزيد من النقود وهو ما من شأنه أن يرفع معدل التضخم، موضحاً أنه كان لدى تركيا خيار طلب أموال من صندوق النقد الدولي، وهو أمر سبق وتعهد إردوغان بتجنبه.

إلى ذلك، ارتفع العجز التجاري في فبراير الماضي، بنسبة 72%، ليبلغ مليارين و981 مليون دولار. وبينما زاد حجم الصادرات التركية في فبراير الماضي بنسبة 2.3%، على أساس سنوي، ليبلغ 14 ملياراً و653 مليون دولار، زادت الواردات بنسبة 9.8%، لتصل إلى 17 ملياراً و634 مليون دولار.

وتوقعت وكالة التصنيف الائتماني الدولية "موديز"، الأسبوع الماضي، أن يكون الاقتصاد التركي هو الأكثر تضرراً بين اقتصادات مجموعة الدول العشرين الصناعية الكبرى بسبب تفشي "كورونا"، فيما أظهرت إحصائيات رسمية تركية تراجعا حادا في مؤشر الثقة في قطاعي الخدمات وتجارة التجزئة الحيويين من حيث تأثيرهما على معدل التضخم في البلاد.

وأجرت "موديز" تحديثاً لتوقعاتها للسنة المالية في تركيا على أساس تداعيات انتشار فيروس كورونا، معدلة نموها الاقتصادي المقدر بنسبة 3% من قبل إلى انكماش بنسبة 1.4% خلال العام المقبل. وقالت الوكالة الدولية، في تقرير التوقعات الكلية العالمية: "نتوقع أن يكون الاقتصاد التركي الأكثر تضرراً من الوباء بين اقتصادات مجموعة العشرين مع انكماش تراكمي في الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني والثالث بنحو 7%".

وتتماشى توقعات "موديز" مع ما أعلنته المجموعة الاستشارية للبحوث، ومقرها لندن، الأسبوع الماضي، من توقعات بانكماش الاقتصاد التركي بنسبة 2% خلال العام الجاري، رغم التوسع السنوي البالغ 4.3% في الربع الأول من العام.

وذكرت المجموعة أن الضرر الاقتصادي سيكون أشد مما كان يعتقد في السابق، "سوف ينخفض الإنتاج بشكل حاد في الربع الثاني، وحتى إذا تمت السيطرة على تفشي وباء كورونا قريباً، فإنه يبدو أن جميع الاقتصادات في المنطقة ككل ستنكمش خلال العام".