العدد 3747
الخميس 17 يناير 2019
banner
الإضافة إلى “المضافة”
الخميس 17 يناير 2019

بمزيج من مشاعر الحنق والقلق والتيه - الضياع، استقبل البحرينيون منذ بداية العام ضريبة القيمة المضافة، والتي تختصر لاتينياً بـ VAT بينما ينطقها بعض أهالينا FAT... لا يهم، فالمهم أن موضوع هذه الضريبة، قبل تطبيقه، وبعد التطبيق، لا يزال غامضاً، ولا تزال هناك لجلجة في شأن هذه الضريبة.

يذكرني الموضوع بالكثير من الأمور التي نعتقد – لإفراطنا الرضاع من النظام الأبوي – أنها ستُحلّ لوحدها، أو أن “أبانا” سيتولاها بينما نغطّ في نوم عميق. أي كما كان يحدث قبلاً في تلفزيون البحرين الذي “يُصعق” سنوياً بحلول رمضان، فيقوم بتصوير حلقات مسلسلاته يوماً بيوم لصرامة التخطيط، أو كأن يعلم الكرويّون أن دورة الخليج ستكون في البحرين بعد عامين، لكنهم لا يصحون من غفلتهم إلا قبل أسابيع، فيأتي من يعتذر عن نتائج المنتخب لأنه لم يتجمع إلا قبل شهرين، وأن الملعب لم يهيأ لضيق الوقت!

فعلى الرغم من أن الطبول كانت تقرع من بعيد في شأن هذه الضريبة، وأخذت أصواتها في التعالي يوماً إثر يوم بقرب تطبيقها، إلا أنني أزعم (وليس كل ما أزعمه واقعاً) بأن السلطات المختصة ما كانت مستعدة كل الاستعداد لفرض هذه الضريبة، ولم تكن محيطة بكل تفاصيل التطبيق والتنفيذ، وربما لم تجر تشغيلاً تجريبياً افتراضياً لتنفيذ الضريبة، فهناك مناشدات شعبية ونيابية لأعلى السلطات بالتأجيل، وكأن الضريبة خاضعة للاسترحام، ويصدر بيان بالسلع “المضروبة”، ويصدر الجهاز الوطني للضرائب الخليجية بياناً في يوم آخر، والمصرف المركزي يواجه البنوك بصرامة، ولا يخلو يوم من مثل هذه العناوين التي تشير إلى أن مشروع الضريبة المضافة يتكامل يومياً بحسب التجربة والخطأ، ما يجعل الشكوك تحيط بهذه الخطوة التي يصعب هضمها إلى الآن، فانقلبوا ينكتون على وضعهم، أو كما يقول الفيلسوف الدانمركي سورين كير كيغارد: “إذا بدأ أي شعب بإنتاج النكتة، فاعلم أنه بدأ يشعر بالجوع والفقر”.

 

ليس المقصد هنا متعلقا بالضريبة نفسها، فهذا أمر بات الآن واقعاً مفروغاً منه، لكنه أمر الأجهزة الإدارية التي ستواجه الكثير من التحديات المستقبلية، مع انفتاح شهية جهات مختلفة متوجهة لئلا تكون للمواطن في الأساس جيوب، لأنه لن يحتاجها مستقبلاً، بأن تحسن إدارة ملفاتها، وتقدمها للناس متكاملة، على الأٌقل حتى نقتنع بمتانة القائمين على هزال الاقتصاد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .