العدد 3595
السبت 18 أغسطس 2018
banner
معادلة مكسورة (1)
السبت 18 أغسطس 2018

المعادلة التي طرحها المرشد الإيراني علي خامنئي إزاء الأميركيين والقائلة بـ “لا تفاوض... ولا حرب” تدلّ على تواضع في التوجيه والإرشاد والتبليغ لم يكن مألوفاً سابقاً، مثلما تدلّ على مكابرة غير واقعية.

“لا حرب” تعني الكثير: أولاً أن إيران “لا تريد” مواجهة مع الولايات المتحدة، مثلما أن الولايات المتحدة “لا تريد” مواجهة مع إيران، وهذا واضح إيرانياً ومبهم أميركياً، لكنه يدلّ على أن صاحب الشأن في طهران يُقارب الأمر من زاوية أرضية وليست سماوية! ويعرف تماماً ميزان القوى الكلاسيكي مثلما يعرف واقع الحال القائم الذي لا يحتمل سوية “اقتصاد السلام” فما بالك بـ”اقتصاد الحرب”؟!

وتعني ثانياً أن الاستنزاف أخذ مداه في الداخل الإيراني، ولم تعد شعارات التعبئة الاستنفارية المؤدلجة باتجاه “الشيطان الأكبر” تلقى القبول الذهني عند أصحاب الأمعاء الخاوية والجيوب الفارغة مثلما كان عليه الحال أيام زمان! وتعني ثالثاً، الانتباه التام إلى أن الرئيس دونالد ترامب من النوع الجامد، الذي يطرح الفكرة ويبقى خلفها إلى أن تتحقق إذا كانت قابلة للتحقق “علمياً وحسابياً”، والواضح أنه بنى ويبني سياسته إزاء إيران استناداً إلى مخزون معلوماتي دقيق وإلى حسابات واقعية، زائداً عليها همّة “رسالية” تجعله مؤمناً أن من أول واجباته “إنقاذ إيران من حكّامها” وليس الاستمرار في سياسة الاحتواء الإيجابي التي اعتمدها سلفه الآفل والسيّئ الذكر باراك أوباما، ولم تصل إلى تغيير سلوك طهران وضبط مخاطرها إقليمياً ودولياً.

وأهمية الـ “لا حرب” هذه أنها صادرة عن المرشد الديني والسياسي نفسه بعد موجة من التوعّدات والتهديدات الكبيرة التي صدرت عن قادة الحرس الثوري المرعيّ مباشرة من قبله! ووصلت إلى الطقم “الرسمي” على لسان رئيس الجمهورية الشيخ حسن روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف، خصوصاً إزاء التهديد المباشر بالردّ على منع تصدير النفط الإيراني بمنع المصدّرين الآخرين من ذلك!. “المستقبل”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .