العدد 3061
الخميس 02 مارس 2017
banner
الإنفاق “التفاخري” وغير المدروس
الخميس 02 مارس 2017

تناولت الزميلة “أخبار الخليج” قبل أيام موضوع الاستهلاك غير الضروري وظاهرة التبذير المنتشرة في مجتمعنا البحريني. هناك حاجة ملحة لحملات توعوية تهدف إلى تغيير ثقافة الاستهلاك إلى الادخار والاستثمار.

التبذير – أو المبالغة في الإسراف على مستوى الفرد والأسرة - له آثار سلبية ومخاطر اجتماعية واقتصادية في حياتنا اليومية، نراها لكننا نتغافل عنها، لأننا أقنعنا أنفسنا وأولادنا أن ما هو حاصل من جنون الإسراف هو وضع طبيعي للمجتمعات الخليجية بما حباها الله من نعم وعيش كريم. تشير الأرقام إلى أن منطقة الخليج العربي تستورد أكثر من 90 % من احتياجاتها من الطعام والشراب، وبلغ الإنفاق على الأطعمة المستوردة في عام 2004 بدول الخليج ما يقارب 12 مليار دولار.

هناك حاجة وضرورة لتكثيف الوعي بترشيد الاستهلاك لكل الفئات والحد من الاستهلاك التفاخري والتشجيع على الإدخار والاستثمار ولو بالمال القليل حتى نتبناها كثقافة مجتمعية. المؤسف انجرافنا وراء الظاهرة الى درجة الترف والاستهتار بنعم الله، وهو ما يخالف الدين والخلق والفطرة السليمة، وهنا تبرز حاجتنا لتغيير ثقافتنا وقناعتنا كبارا وصغارا حول مفهوم الإنفاق السليم. الغالبية تنفق بشكل غير مدروس، يصرفون مبالغ كبيرة على الكماليات والمظاهر الاجتماعية دون حساب ووعي بقيمة هذه الآلاف من الدنانير، وكيف يمكن تغيير حياتهم للأفضل لو ادخروها واستثمروها بشكل صحيح، ومن أبرز مظاهر الإسراف، شراء الأغذية الزائدة عن حاجة الأسرة، والمبالغة في تكاليف الزواج والمناسبات الاجتماعية، والتقليد الأعمى ومجاراة الصرف الباهظ على مناسبات لا داعي لها مثل حفلات الاستقبال والمواليد والقائمة تطول. الظاهرة تتطلب حملة وطنية واسعة تشارك فيها جميع الجهات الحكومية والأهلية، على أن تكون طويلة المدى وعلى مراحل، حيث نركز على تنمية الوعي ثم الإقناع ثم تغيير السلوك في البيت والمدرسة والعمل وأنماط الحياة اليومية ونبذ الهوس الشرائي في العطلة الأسبوعية بسبب كثرة المجمعات التجارية والإعلانات المغرية ومجاراة الموضة وكل ما هو جديد.

آن الآوان لتربية الجيل الصاعد على ثقافة الادخار ومزايا التوفير والحد من مجاراة الآخرين، والصرف المحدود وفق الإمكانيات والتمتع بالنعمة دون إسراف والقناعة بالبساطة والتواضع، والأهم من ذلك تقييم الذات والآخرين وفق المكانة العلمية وسمو الأخلاق وليس بـ “ماركة الأحذية والشنط”، ولن يتحقق الأمر ما لم يترجم بمناهج وأنشطة وسلوكيات تبدأ من المدرسة والبيت والأندية وضمن المناهج الدراسية، وإعادة برمجة الصرف الشخصي والأسري بما يعزز ثقافة الادخار. لابد من مبادرات أهلية وشبابية من أجل مجتمع تنموي ومنتج.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية