العدد 432
الأحد 20 ديسمبر 2009
banner
اسطــوانـــة حقــوق الإنســـان
الجمعة 26 أبريل 2024

لا نبالغ إذا قلنا إن تعبير “حقوق الإنسان” والدفاع عن حقوق الإنسان قد أصبحت كلمة حق يراد بها باطل أو يراد بها التدخل في شؤون الغير أو الضغط عليه لتحقيق مآرب خاصة بعيدة كل البعد عن مزاعم من يطنطنون بها ليل نهار. فالدول التي كانت في الماضي تتغنى بالمساواة واحترام حقوق الإنسان واحترام خصوصية الأفراد أصبحت أكثر الدول انتهاكا لآدمية البشر.
من الأمثلة العجيبة للتدخل في شؤون الغير وتصفية الحسابات تحت ذريعة دعم حقوق الإنسان مطالبة إسبانيا – على لسان وزير خارجيتها – للمغرب أن تعطي لأميناتو حيدر (إحدى الساعيات بشدة إلى تفتيت وحدة المملكة المغربية) جواز سفر مغربيا لكي تنهي الأخيرة اعتصامها وإضرابها عن الطعام في مطار لان زاروني.
فهل المغرب مخطئة تجاه السيدة المذكورة عندما رفضت منحها جواز سفر مغربيا، وهي التي رفضت المغرب ورفضت الولاء إليه وقاتلت لتفتيت ترابه؟ وما الذي يجبر دولة على وجه البسيطة أن تمنح جواز سفر لشخص لا يخفي عداءه لها ويقوم بتشويهها في كل مكان يذهب إليه ويستعين عليها بالغير.
نحن لا نعادي السيدة أميناتو حيدر أو غيرها ولكن تفاصيل هذه القضية كما علمناها تبين أنه من غير المنطقي أن تسب دولة وتصفها بأنها دولة احتلال تحتل الشعب الصحراوي ثم تسعى في نفس الوقت للحصول على جواز سفر منها، وكأن جواز السفر مجرد ورقة صماء ليس لها دلالة، وليس على الذي يحملها أي التزام تجاه الدولة التي منحته إياها!
وزير خارجية إسبانيا – الذي تواجه بلاده من زمن طويل مواجهات مع حركة إيتا الانفصالية كما تصفها إسبانيا - التي تسعى إلى فصل إقليم الباسك عن إسبانيا – لا يمكن أن يتقبل تحت أي ظروف أن يقدم المغرب أو غيره أي دعم معنوي لمقاتلي حركة إيتا، ومع ذلك يقوم بتوظيف ملف السيدة أميناتو حيدر لتحقيق مآرب خاصة والضغط على المغرب في المحافل الدولية المختلفة والإضرار بمصالحه.
أما السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية التي دخلت على الخط في ملف أميناتو حيدر هي الأخرى، نسيت أن الولايات لم تعد صورتها هي تلك الصورة التي كانت تعطيها بعض الشرعية في الماضي للحديث عن حقوق الإنسان. فالملف الأميركي في انتهاك حقوق الإنسان خلال السنوات الماضية ليس أحسن حالا من ملفات الدول المحكومة بأكثر الأنظمة ديكتاتورية في العالم.
ألم تنفق الولايات المتحدة ملايين الدولارات على حملات العلاقات العامة الساعية إلى تحسين صورتها التي تشوهت بفعل قتل المدنيين في حروبها التي لا تنتهي على ما تسميه بالإرهاب؟؟ وهل نسيت السيدة كلينتون وثيقة رامسفيلد التي أقرت استخدام أسوأ أساليب التعذيب ضد سجناء غوانتنامو الذين لم تتم محاكمتهم؟
المسألة كما ذكرت في البداية ليست مسألة حقوق إنسان ولا غيره، ولكن الولايات المتحدة دائما تخترع لكل دولة من الدول العربية وجعا خاصا أو نقطة ضعف تستخدمها ضدها لكي تضغط عليها لتمرير سياساتها في المنطقة.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية