العدد 408
الخميس 26 نوفمبر 2009
banner
صرخة إلى جميع الرجال
الجمعة 26 أبريل 2024

عندما كتبت ألوم بنات جنسي أو بعضهن بسبب عدم التزامهن بحسن التبعل لأزواجهن، كتبت ذلك إشفاقا عليهن، لأن المرأة في مجتمعاتنا الشرقية هي دائما التي تدفع الثمن عندما يحدث تصدع للعلاقة الزوجية. فالمرأة ظالمة أو مظلومة ستدفع ثمنا باهظا، لأنها لا تملك خيارات كثيرة عندما يقع هذا التصدع، فقد تخسر أولادها إلى الأبد، وقد يصبح أبناؤها عبئا اقتصاديا عليها إذا كانت فقيرة ولا تملك وظيفة أو نشاطا مشروعا تكسب منه، وقد تكون بلا أولاد من الأساس، فتجد نفسها ملقية على قارعة الطريق بلا حماية وبلا أمان.
كل هذا أعرفه وأعرف أكثر منه، وأعرف أن هناك من النساء أعدادا لا تحصى يعشن تطبيقا للمثل القائل: “ظل رجل ولا ظل حائط”.
ولكن لومي للنساء كان يتعلق بزاوية بعينها لا تسمح المجتمعات الذكورية بالتحدث عنها في وسائل الإعلام إلا في حدود ضيقة جدا، على الرغم من أن كل كتب الفقه والكتب الدينية التراثية لا تغفل أبدا الحديث عنها، وهي نجاح العلاقة الجسدية بين الزوج والزوجة. فالزوجة هي التي تدفع ثمن عدم الدفء في هذه العلاقة، لأن الرجل يملك دائما الحلول المشروعة التي لا تملكها هي في هذه المسألة، فقد يتزوج مرة أو مرتين، ولكن المرأة لا تملك هذا الحل لأسباب كثيرة لا يتسع المجال لذكرها هنا.
إذن المرأة ضحية في كل الحالات.
وما طالبت به النساء في عمود سابق هو أن يبذلن ما يملكن لضمان عدم تصدع العلاقة الزوجية، وألا يكنَّ السبب في تعاسة أنفسهن.
ولم تكن دعوتي لبنات جنسي على الإطلاق تلقي باللوم الكامل على المرأة في فشل تلك العلاقة وما يترتب عليها من مآسٍ لا يجرؤ على ذكرها إلا القليل جدا من الناس.
فالمرأة كائن له تركيبة نفسية وعاطفية مختلفة بشكل ما عن الرجل، ولها نقط ضعفها وقوتها ومفاتيح سعادتها وتعاستها التي قد يعلمها بعض الرجال ولا يعلمها البعض الآخر.
فإذا كانت المرأة تجد طريقها إلى أعماق الرجل من خلال عينيه، فالرجل لا يستطيع الوصول إلى المرأة إلا من خلال أذنيها، فمهما كان إعجابها بالشخص وبرشاقته وعضلاته المفتولة، إلا أنها لا تصل إلى تلك الحال التي لا يعرفها كثير من الرجال ولا ينعمون بها، إلا إذا بدأ الرجل سعيه إلى المرأة عن طريق أذنيها... فالمرأة يسحرها الكلام الجميل ويأخذ بيدها إلى ذلك العالم الأسطوري ويجعلها تحلق في آفاق لا يعرفها غيرها.
لا بد إذن للرجل أن يسكب في أذنيها أحلى الكلمات إن أراد أن يكون لتلك العلاقة لون ورائحة. فالمرأة تسعدها الكلمة الحلوة وإن كانت كاذبة. “قل لي ولو كذبا كلاما ناعما: قد كان يقتلني بك التمثال”.
الرجل إذن يتحمل مسؤولية أكبر تجاه نجاح العلاقة، ويصبح أنانيا وقاسيا عندما يتعامل مع المرأة ككوب من العصير أو ثمرة من الفاكهة، وينسى أنها كائن حي يتنفس وينفعل ويصاب بالنفور ككل الكائنات الحية.
وقد يكون السبب في ذلك أن الرجل يملك حلولا لا تملكها المرأة، بخاصة المرأة الشرقية أو المسلمة، وقد يكون السبب هو الجهل، ولكن النتيجة النهائية هي التصدع الأسري والوقوف أمام القضاء واستخدام أسباب معلنة، يكون معظمها كاذبا، لتبرير طلب الطلاق!
زبدة القول
قرأت ذات مرة وصفا رائعا لهذه العلاقة لخصه كاتبه - وكان رجلا وليس امرأة- حيث قال: “الجنس لقاء وليس لقاحا”، حيث اللقاء فيه رقي وارتقاء بذلك الشيء، وبالطرفين اللذين يشتركان فيه، أما اللقاح فعملية بلا احترام وبلا مشاعر، وتساوي بين الإنسان وبين غيره من الكائنات الأقل منه درجة.




 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .