العدد 2012
الجمعة 18 أبريل 2014
banner
ليس حقيقة غباء السياسة الأميركية أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الجمعة 18 أبريل 2014

ليس من المنطقي إطلاق صفة الغباء بالمطلق على السياسة الأميركية في عهد الرئيس الأميركي الحالي السيد “باراك حسين أوباما” كما تحدث السفير الأميركي السابق في المملكة، فهي سياسة لم تتغير، منذ عرفناها وطريقها يسير كما هو منذ ما قبل أوباما وستستمر في نفس الطريق بعد أوباما، ولا نستطيع القول حتى بخطأ تلك السياسة (من وجهة النظر الأميركية والمصلحة الأميركية) ولكن مجمل ما يمكن قوله في الحقيقة أنها سياسة ذات وجهين، وأن القائمين عليها في مجملهم وأغلبهم يرون الحقائق ويعملون على تغييرها أو ليها وهم في السلطة، ثم يتبرأون من سياستهم بعد ذلك ويحاولون العودة لتلك الحقيقة بعد أن تبتعد السلطة عنهم ويكونون أحرارا في آرائهم ومواقفهم ولكن بلا تأثير في تلك السياسة.
رأينا هذا في موقف الرئيس الأميركي الأسبق “جيمي كارتر” قبل السفير الأميركي السابق في المملكة، فبالرغم من أن كارتر كان أحد المساهمين، بل المساهم الأكبر في العمل على تضييع القضية الفلسطينية عام 1978 بوضع ثقله وراء العدو الصهيوني وإنجاز معاهدة “كامب ديفيد” التي من خلالها وبها دخلت القضية العربية الفلسطينية في متاهات التشتت العربي وابتعاد القوة العربية الأولى ونعني بها مصر عن المعادلة، إلا أنه عاد في كتابه الذي وضعه بعد خروجه من السلطة “فلسطين.. سلام لا فصل عنصري” ليتحدث عن الشعب الفلسطيني وحقوقه، وهي الحقوق التي كان يتجاهلها قبل ذلك ولا يعيرها أي اهتمام أو موقف، بالتالي لا يعنينا ولا يفيدنا تغيير مواقف المسؤولين في الإدارة الأميركية بعد مغادرتهم غرف تشكيل القرار فمواقفهم في تغير مستمر، وسنجد حتما الكثير منهم قد تغيروا في المستقبل وأقروا بأخطاء ارتكبوها في نوع من الاعتذار غير المفيد للأطراف الأخرى.
غرف القرار في الولايات المتحدة الأميركية محاطة بثوابت ومقومات لاتخاذ القرار تجاه القضايا الدولية لا تحيد عنها، لأن القضايا المحلية الأميركية ربما لها مقومات وثوابت أخرى عند تشكيلها منها الرأي العام والصوت الانتخابي والصحافة المحلية وغيرها من الشؤون الأخرى الدافعة لها والمماثلة لها، أما القضايا الدولية ومنها قضيتنا المحلية والقضايا العربية بصورة عامة فما يدفع في تشكيل القرار بحقها واتخاذ المواقف بشأنها ينبع من المصلحة المادية بالأساس التي تصب في المصلحة الداخلية أو المحلية ثم مواقف الطرف المعني في الجانب الآخر وتقبله لتلك السياسة ومعها ردة فعله عليها لا أكثر، وردة الفعل الرسمية العربية معروف عنها أنها سلبية في معظمها وخاضعة لما يقدم لها أو يفعل بها من الجانب الأميركي.
السياسة الأميركية كما نراها لها وجهان، واحد ظاهر والآخر مخفي، تماما مثل العمل المخابراتي الذي هو الآخر أحد مقومات السياسة الأميركية، لذلك نجد الساسة الأميركيين، أو معظمهم حتى نكون صادقين في ما نقول، معظمهم تتغير مواقفهم ويتحدثون عن الحقائق بعد زوال السلطة، تماما مثل المنتمين لأجهزة المخابرات من الذين يضعون الكتب التي تفضح ما يمارسونه وقت سلطتهم ونعرف من خلال تلك الكتب الكذب الفاضح الذي كانت عليه أعمالهم، وهذا ما يحدث بالنسبة لبعض الساسة الأميركيين الذين يتحدثون ويؤلفون الكتب بعد تركهم للسلطة وينتقدون من خلالها مواقفهم السابقة.
هذا لا يعني عدم صدقهم في ما يقولون بعد ترك السلطة، وأن لهم آراء تختلف عن تلك التي عليها السياسة الأميركية في عمومها، إلا أنه ليست هناك فائدة عملية لنا من تلك المواقف حينها، فالفائدة منها تقوم على الاستناد إليها أمام الغير، ونحن لا نقوم بذلك في الجانب الرسمي.. والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .