العدد 2936
الجمعة 28 أكتوبر 2016
banner
“تحريم مادة الموسيقى”... نواب يعيدون كتابة التاريخ! أسامة الماجد
أسامة الماجد
سوالف
الجمعة 28 أكتوبر 2016

هذا النزوع الكبير من قبل بعض النواب نحو مواضيع لا تخدم المواطن في شيء، وتوجيه النصح، وكأنهم يحملون رسالة تاريخية أو مفاتيح الجنان للناس، أصبح أمرا لا يطاق، وهو أمر سبق للمواطن أن استاء منه كثيرا، وعبر عن سخطه من النماذج الفاشلة التي تريد تحريم المسرح والموسيقى وتحاول فرض آيديولوجيتها التي تعتبرها منقذة للبشرية وما عدا ذلك آيديولوجيات هدامة للقيم الإنسانية.
بدل التحدث ومناقشة هموم الناس والمطالبة بتحسين معيشتهم وأوضاعم خرجت بعض الأصوات من مجلس النواب تطالب بإلغاء مقرر مادة الموسيقى في مدارس البحرين، واعتبروها من المقررات الفاسدة والشركية والمدمرة لنفسية الطالب. بهذه البساطة طوقوا الموسيقى وفرغوها من المعنى وجعلوها تحت السطح ومن الهوايات المذمومة المهلكة وعدوة التقوى والبصيرة، وأرادوا تطبيق الرقابة الصارمة لأنهم يملكون “وحدهم” الرؤية الحسنة.
أغرب ما في هذه المرحلة التي نمر بها هي “فراغة” بعض النواب الذين أصبحوا مجرد جمجمة تحجرت ومات فيها العقل، حتى الأمور في المجتمع أصبحت غريبة ولا تتفق مع أبسط قواعد المنطق. ما أسهل الكلام والصور الشعرية القديمة التي تعودنا عليها من بعض النواب الذين لا يملكون الموهبة والوعي لكي يصبحوا ممثلين عن الشعب.. نعم.. ما شأني أنا بمادة الموسيقى يا سعادة النائب، فالصوت الذي انتخبك لا يريد منك التحدث بالمسائل الدينية من قريب أو بعيد، لم يطلب منك محاربة الدعوات الرامية الى إقامة حفلات موسيقية وغيرها من الأنشطة والفعاليات. لم يطلب منك أي مواطن إبداء رأيك في الخارطة الثقافية القائمة ولا إعادة كتابة التاريخ، مجتمعنا مسلح بما فيه الكفاية لمواجهة كل أنواع الخصوم والمخاطر “حسب تصنيفكم” ولن يفقد هويته الخاصة.
بكل أمانة أقول ونحن نتنفس هواء الثقافة والفنون، المجتمع بحاجة إلى خنق هذه الآيديولوجية أو تقليص حجمها ولابد من وضع اليد على حقيقة مفادها أن هذه الأصوات لم تقدم أي شيء للمواطن في البرلمان فهي محكومة بالفشل دائما، ولهذا نراها تدخل في مجابهة محتدمة مع ميدان الفنون الذي أصبح واسطة تفاهم وتعاطف، ومصدر تفاؤل وسعادة، وموضوع تسابق وتفاخر بين الأمم، ولغة تخاطب وتعارف بين الشعوب. ففي عصرنا الحاضر أصبح الفن سفير معرفة ومودة ورسول سلام ووئام، فهو يسمو بالروح ويطهر النفس، كما أنه يمثل أحلام الأمم ويعبر عن مثلها العليا الإنسانية، ويدل على مدى ما وصلت إليه في دنيا الإبداع.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية