العدد 1865
الجمعة 22 نوفمبر 2013
banner
صناعة الفرح سمر المقرن
سمر المقرن
الجمعة 22 نوفمبر 2013

قرأت لعدد من المتخصصين عن أبرز محفزات الطاقة السلبية والطاقة الإيجابية لدى الإنسان، ووجدت أغلبها يتمركز في الأشياء المحيطة داخل المنزل من الأتربة والغبار والفوضى وعدم الترتيب وغيرهم، كما قرأت عن بعض الصفات ووجدتها في الشخص نفسه وقدرته على شحن طاقته الداخلية بالإيجابية، وهذا أمر أتفق معه إلى حد كبير، ونلاحظ على أنفسنا أنه في اليوم الذي نحقن فيه أرواحنا بطاقة سلبية كالشعور بالممل أو التعب أو الإرهاق والاستسلام لهذه المشاعر السلبية فإن هذا يجعلها تطول في سكنها الداخلي وقد تتضاعف إلى حد حالة الاكتئاب.
العالم النفساني الأميركي جيمس ريدفلد، له عدد من النظريات في الطاقة السلبية واجتذابها من الآخرين، من خلال نمط الشخصية ونوعها وتصرفاتها. ما أعادني إلى هذه الفكرة وكتابة الديباجة أعلاه، هو جلوسي مع صديقتي الرائعة هدى العتيبي، التي كانت في زيارتي قبل أيام، وفتح نقاش حول الأشخاص الذين يبثون الطاقة السلبية، ونحن فينا ما يكفينا، مما نعيشه وما نراه حولنا من أمة غارقة بالألم والموت والدمار والحروب، وكل ما يجعل الإنسان العربي يشعر بالاكتئاب والألم، وهذا كله طاقة سلبية نعيشها رغمًا عنا. صديقتي أخبرتني أنها قطعت علاقاتها بكل الأشخاص الذين قد يجذبون لها الطاقة السلبية، من نوعية الأشخاص كثيري الشكوى والتذمر، أو الأشخاص الذين لا يحلو لهم إلا الحديث عن قصص وحكايات كئيبة، فالإنسان يعيش حياته مرة واحدة وليس بحاجة إلى هذه النوعية من البشر.. وإن كان من حق الأصدقاء على بعضهم البعض بث الشكوى، وفتح قلوبهم لمن يستحق هذا، لكن أن تكون المواضيع السلبية هي المسيطرة على هذا الشخص وهي حديثه الدائم فهنا تكون المشكلة، ليس على المتذمر وحده، بل إن انعكاسها يعود على من يستمع له.
إن مشاكل الحياة كافية لتُرهق نفوسنا، فلسنا بحاجة إلى أشخاص يعينون الزمن والألم علينا، لذا فالإنسان الذي يبحث عن راحته وسعادته لابد أن ينتقي من الأصدقاء من يساهم في إيجاد وتعزيز السعادة، وخلقها من ركام الألم والتعب، لا أقصد بهذا أن يكون الحديث أو التعاطي – فقط - في الأمور التي تجلب السعادة، لأن الناس لبعضها ولابد من أن يجد الإنسان شخصًا آخر يسمع له وينصحه، لكن هذا لا يطغى على الجانب الآخر بحيث يظل يشكو ويتذمر والشخص الآخر يعيش معه هذه المعاناة طوال الوقت دون ذنب، فلكل شيء حد ومقياس، إذا زاد أصبح طاقة سلبية مزمنة.
إن صناعة الفرح وإن كانت ليست سهلة في مجتمعاتنا، لكنني أشبهها بإعادة تدوير الأشياء القديمة وصناعة أشياء جميلة ومبهرة منها، كالأعمال التي تقوم بها ربات المنازل في صناعة جماليات من العلب الفارغة والأغراض المستعملة. نعم، بإمكاننا أن نفكر بإعادة تدوير الآلام والمنغصات والجراح، وخلق قيمة جميلة نعيشها بعيدًا عن رزح الشعور بالتأنيب والألم، والاستسلام للضعف ومكوناته ومحفزاته.. بإمكاننا أن نكون أسعد وأجمل رغم كل ما يحيط بنا من تعاسة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية