العدد 1851
الجمعة 08 نوفمبر 2013
banner
الفكر الذكوري.. بين صباح ومحمد عبده سمر المقرن
سمر المقرن
الجمعة 08 نوفمبر 2013


ألاحظ في وسائل الإعلام المختلفة، ومواقع التواصل الاجتماعي، كثيرًا من الاحتفاء بأخبار زواج الفنان محمد عبده وإنجابه وهو في هذا السن المتقدم، وكثيرًا من الاستهجان تجاه زيجات الفنانة صباح، بل ولغة سوقية تتجاوز على حكمة الله – عز وجل - في العمر المديد لها وكأنها تعيش فوق رؤوس – بعضهم - أو على حساب جيوبهم، دون النظر إلى أن الرب هو من يمنح طول العمر أو قصره للبشر. في المقابل نجد عددًا ليس بقليل من رجال الفن أو الإعلام أعمارهم كبيرة – أطال الله بها - ولم يعترض أحد على وجودهم بالحياة.. إنها الذكورية يا سادة، والمنطق المعوج تجاه المرأة، واستهجان كل ممارساتها بما في ذلك حقها في الحياة كما نرى من عبارات مقززة تجاه صباح.
المركزية الذكورية التي تعشعش في الفكر الشرقي، وتقوم بتوجيهه كأساس للرؤى المجتمعية التي تقلل من الأنثى، وتحرمها حقوقها، وتستهجن احتياجاتها في نظرة يسود فيها أن الأصل هو “الذكر” والفرع هي “الأنثى”، حتى أن حقوقها الشرعية صارت تأخذ أشكالاً عديدة للرفض بما فيها استخدام أسلوب الضحك والسخرية كما يحدث مع الفنانة صباح.
بعيدًا عن المثال أعلاه، أسوق مثالاً جديدًا عما حدث مؤخرًا بعد نشر خبر مفاده أن 4 سعوديات و11 سعوديًا تزوجوا من تركيا هذا العام، لم أجد مما قرأت سواء عبر ردود الصحف أو مواقع التواصل الاجتماعي أي استهجان لزواج الرجال من تركيا، بينما قرأت عددًا من الردود التي تستهجن زواج السعوديات الأربع من تركيا، وكأنه عملٌ مُحرم أو خارج على القانون، وأن الرجل من حقه أن يتزوج من يشاء ومن أي بلد يشاء أما المرأة فعليها أن لا تخرج عن حدودها الجغرافية، حتى في مسألة تناول الشكل وجمال التركيات والأتراك، أجد من يبرر للرجل حقه في أن يتمتع بالشكل والمضمون، أما المرأة فلا يحق لها هذا، وليس لها إلا أن تأخذ القالب الذي يفرضه عليها المجتمع، وفي مشهد يشبه التكرم والتفضّل عليها.
كثيرة هي الصور المجتمعية وردود الأفعال التي تخرج عن مركزية ذكورية بقصد أو دون قصد، تحت وطأة النظام الأبوي في سلوكيات شمولية نعيشها كل يوم ولا تجد من يحاول إيقافها أو نقدها، وكأنها ممارسات طبيعية بل إن من يشذ عنها أو يرفضها يُعتبر هو الخارج عن السائد الاجتماعي، وهو من يحمل نوعًا من أنواع الفكر غير المرحب به.
الإشكالية الفكرية في السياق المجتمعي تتمركز في كون أن رفض الذكورية يواجه بسلاح الاتهامات، فإن كان الرافض رجلاً تم وصمه بأنه يريد الوصول إلى النساء، وإن كانت امرأة فتوصم بالمسترجلة، في غياب واضح للمبادئ الانسانية والأخلاقية التي من المفترض تقديمها عند طرح الأفكار أو نقدها أو حتى رفضها، في تصوير خاطئ لحالة الحرب بين الجنسين، وكأن الحقوق لا تؤخذ إلى على حساب الآخر، وهذا غير صحيح ولا يمت إلى مبدأ العدالة بصلة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .