العدد 1515
الجمعة 07 ديسمبر 2012
banner
الكاتبة والرجل الذي يكتب لها! سمر المقرن
سمر المقرن
الجمعة 07 ديسمبر 2012

أود التأكيد على أن إدماج المرأة في قضايا الإعلام والكتابة وغيرها يعتبر من قبيل المشاركة العامة في إدارة شؤون البلاد، وبالتالي فهو حق أصيل، إذ جاء في الاعلان العالمي لحقوق الإنسان وتحديداً في المادة (27) من الاعلان وفي مجال المشاركة الثقافية جاء نص المادة “لكل شخص حق المشاركة الحرة في حياة المجتمع الثقافية، وفي الاستمتاع بالفنون، والإسهام في التقدم العلمي وفي الفوائد التي تنجم عنه. ولكل شخص حق في حماية المصالح المعنوية والمادية المترتبة على أي إنتاج علمي أو أدبي أو فني من صنعه”. وفي إشارة أخرى وردت في المادة (15) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أكدت المادة على المشاركة الثقافية بقولها: “تقر الدول الأطراف في هذا العهد بأن من حق كل فرد: (أ) أن يشارك في الحياة الثقافية، (ب) أن يتمتع بفوائد التقدم العلمي وبتطبيقاته، (ج) أن يفيد من حماية المصالح المعنوية والمادية الناجمة عن أي أثر علمي أو فني أو أدبي من صنعه”.
وما ذكرته هو جزء بسيط من نصوص ومواثيق كثيرة تؤكد حق المرأة في المشاركة، وحقها في حرية التعبير والتي مازال – البعض - يعتبرها منحة أو هبة تُقدم للمرأة، في الوقت الذي تغيب عن مجتمعاتنا الخليجية الثقافة الحقوقية التي تدعم الإنسان أيا كان جنسه أو لونه أو شكله.. الأمر ذاته هو ما يجعل مثل هذه الثقافة السلبية تنتشر وتواجه المرأة الكاتبة بالتقليل أو الهجوم غير المبرر –الشخصي- وليس الفكري، بل والطعن في نزاهة قلمها من خلال التهمة التي لاحقت كبار الأقلام النسائية، ومازالت، ألا وهي: (هناك رجل يكتب لها!) وكأن المرأة كسيحة ولا تملك فكرا ولا قلما تتقدم به وتكتب من خلاله ترجمة أفكارها ورؤاها!
الغريب أن مثل هذه التهم مازالت تُمرر من قِبل بعض الذكور عديمي الرجولة، ونحن في عصر مواقع التواصل الاجتماعي، فإن كانت الكاتبة تتواصل مع قرائها طوال اليوم وتكتب وتغرد، فأين ذلك الذكر “الخفي” الذي يكتب لها، أم أنه يعيش معها طوال اليوم وخلال الـ 24 ساعة؟!
ماذا عن الكاتب الرجل، لماذا لا يُتهم بأن –امرأة- تكتب له، أم أن القدرات الخارقة للرجل وهبته كل شيء، فيما أن الكائن المحسوب على الدرجة الثانية من البشر لا يمتلك هذه القدرات؟ لذا أوردت المواد أعلاه لما لنا من حاجة إلى قوانين جادة ومباشرة تُجرم كل من يتعدى على المرأة ويقلل منها بمثل هذه التهم.
أتذكر دوما تلك التُهم التي لحقت بالكاتبة الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي، وأن من كتب لها الروايتين الأوليتين، هو الشاعر نزار قباني –رحمه الله- مع أنه نفسه لم يكتب في حياته ولا رواية، مع ذلك توفي وصدرت لها رواية “عابر سرير” ضحكت وأنا أتناقش مع إحدى الزميلات قبل سنوات في هذا الموضوع، عندما قالت لي: “يمكن كتبها قبل موته، أو يمكن ملائكته بعثت لأحلام الرواية مكتوبة” كان هذا الكلام من باب السخرية، إلا أن خلفياته محزنة للغاية، عندما يتم تأمل العقل العربي تجاه المرأة، وأنه مازال مستمرا إلى هذا الوقت يحصرها بين المطبخ وغرفة النوم!

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية