العدد 2298
الخميس 29 يناير 2015
banner
اليمن مؤامرة خارجية أم شأن داخلي؟ د. محسن الصفار
د. محسن الصفار
عالم مجنون
الخميس 29 يناير 2015



تتسارع الأحداث في اليمن كل يوم وكل ساعة فبعد وصول جماعة عبدالملك الحوثي إلى صنعاء ثم اقتحامها وبعد ذلك السيطرة على جميع مرافق الدولة فيها الى اقتحام القصر الرئاسي ومقر الحكومة وبعد ذلك استقالة رئيس الجمهورية وجميع اعضاء الحكومة ليصبح اليمن عمليا بلدا بدون رئيس ولا حكومة كل هذا تم في فترة قصيرة جدا زمنيا تاركا كل من يتابع أحداث اليمن مذهولا مما يحصل.
فالمتابع للشأن اليمني يعلم أن جماعة الحوثي ليست جيشا جرارا قادرا على اجتياح اليمن وقهر جيشها وشرطتها بهذه السهولة والسرعة.
وتختلف الآراء حول ما حصل ما بين نظرية تآمر الرئيس السابق علي عبدالله صالح مع الحوثيين للانتقام من الثورة التي قامت بعزله الى نظرية تآمر كبار قادة الجيش والشرطة لتسليم العاصمة دون قتال الى نظرية تآمر الرئيس الحالي هادي منصور نفسه في هذه العملية وسواء صحت ايا من هذه النظريات أو كلها فإن السبب ليس بقدر أهمية النتائج التي برزت عن الوضع الجديد الذي اقل ما يمكن وصفه به أنه شاذ وغير طبيعي على الإطلاق.
فجماعة الحوثي المرتبطة بإيران والمدعومة من قبلها ماديا ومعنويا وعسكريا وذلك باعتراف احد كبار المسؤولين الإيرانيين واعتراف قادة الحراك الحوثي أنفسهم ليست خارج معادلة التحركات الايرانية في المنطقة العربية التي تستهدف امن دول الخليج العربي عامة وأمن المملكة العربية السعودية بشكل خاص ثانيا وهذه النتائج التي افرزها انقلاب الحوثي على الحكم الشرعي في اليمن تصب في نفس السياق وتؤكد رغبة ايران في السيطرة على مضيق باب المندب الذي تنظر اليه دول الخليج على انه بديل لمضيق هرمز الذي تهدد ايران دوما بإغلاقه في حال نشوب اي نزاع مسلح في المنطقة.
كما ان السيطرة على الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية بهدف دعم الإرهاب فيها والقيام بحركات ايذائية للمملكة لابتزاز مواقفها الاصولية والثابتة في الوقوف بوجه المشروع الايراني التوسعي العدواني في المنطقة هو الآخر حلم يراود ساسة ايران منذ زمن.
المستغرب هو الموقف الاميركي من انقلاب الحوثي الذي اعتبره شأنا داخليا يمنيا وأن اولوية الولايات المتحدة هي محاربة ارهاب تنظيم القاعدة في اليمن اي ما يشكل اعترافا ضمنيا بالحوثيين وانقلابهم على السلطة ويطمئنهم بأنهم ليسوا مستهدفين من قبلها.
وسواء كان ما يحصل في اليمن شأنا داخليا بحسب الزعم الأميركي او مؤامرة خارجية تستهدف شعبه وأرضه وسيادته وهو المرجح، فإن نتائج الانقلاب الحوثي تمس المنطقة كلها وتؤثر على امنها واستقرارها بشكل لا يمكن تجاهله، لذا فإن الدول المحيطة باليمن يجب ان تتخذ اجراءات عاجلة لإفشال هذا الانقلاب وضمان عودة الحكومة الشرعية الوطنية الى اليمن وتحجيم ميليشيات الحوثي درءا لخطرها العسكري والسياسي والفكري وكما يقال مثقال وقاية خير من قنطار علاج.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية