العدد 2234
الأربعاء 26 نوفمبر 2014
banner
منع السفر سيف على رقاب الأجانب د. محسن الصفار
د. محسن الصفار
عالم مجنون
الأربعاء 26 نوفمبر 2014

منع الأشخاص من السفر عبر الحدود هو أحد الإجراءات القضائية المتبعة حول العالم إما كإجراء احترازي اثناء النظر في الدعوى أو ضمانا لتنفيذ أحكام صادرة والغرض من هذا الإجراء ضمان عدم هروب أو تملص الشخص من أداء التزاماته أو تنفيذ الأحكام الصادرة بحقه عبر مغادرة البلاد الى بلده الأصلي أو جهة أخرى.
ويعتبر المنع من السفر نوعا من انواع التقييد وإن كان يعتبر اقل درجة من الإقامة الجبرية أو السجن التحفظي على ذمة قضايا جنائية أو مدنية وبالتالي فإن الشخص المعني بمنع السفر سيعاني بكل تأكيد من عواقب منع السفر هذا خصوصا اذا كان مواطنا اجنبيا وليس من اهل البلد الذي يتم فيه التقاضي حيث ان ذلك قد يمنعه من انجاز اعماله او زيارة اهله وأقاربه في بلده الأصلي او دول أخرى خصوصا عندما نعلم بأن القضايا في البحرين قد تطول لسنين بين أحكام ابتدائية واستئناف ونقض وقد شاهدت بعيني شخصا يبكي بحرقة في المحكمة لأنه لم يستطع حضور جنازة والدته في بلده لأن شركة اتصالات منعته من السفر بسبب فاتورة غير مسددة.
وبحسب القانون فإن للقاضي الحق في اللجوء الى منع السفر الاحترازي فقط عندما تتوافر لديه ادلة على نية الشخص الفرار من البلد أو عدم وجود اي شيء يربطه فيها ويلزمه بالتالي بتنفيذ الأحكام الصادرة ضده في حال صدورها وليس اجراء روتينيا عاديا يتخذ بحق أي شخص كان.
ولكن للأسف وفي احيان كثيرة يتحول منع السفر الى وسيلة لابتزاز الشخص الأجنبي وإجباره على القبول بتسويات مجحفة من قبل بعض الشركات والمؤسسات خصوصا البنوك وشركات الاتصالات حيث انهم وحال اعتراض العميل الأجنبي على خطأ أو فاتورة مجحفة تكون عبارة سنمنعك من السفر أول ردهم عليه لإجباره على القبول بدفع المبالغ التي عليه بدون أي جدال أو نقاش.
ومع الأسف ففي كثير من الأحيان تتمكن هذه المؤسسات من الحصول على قرار منع السفر الاحترازي لهؤلاء لمجرد كونهم من الأجانب رغم عدم توافر شرط النية في الهروب فمن راتبه ألف دينار او اكثر لن يترك وظيفته ويهرب من البلد بسبب فاتورة قيمتها 50 دينارا أو كمستثمر لديه استثمارت بالملايين وعقارات وشركات لن يهرب بسبب دعوى بقيمة عشرة آلاف دينار مثلا وبالتالي يصبح منع السفر الاحترازي سيفا مسلطا على رقبة كل اجنبي ويفتح شهية بعض ضعاف النفوس من المحامين للجوء اليه لإجبار الطرف المقابل في الدعوى على التنازل عن حقوقه لهم ولموكلهم خوفا من الأجنبي على نفسه وأسرته من عواقب منع السفر.
إعادة النظر في إجراءات منع السفر للأجانب مهمة ومنها على سبيل المثال عدم ايقاع المنع الا بعد ابراز المدعي لأدلة تثبت نية الشخص الأجنبي الهرب من البلاد أو كونه لا يتمتع بمصداقية مالية او معنوية تمكن المحكمة من الوثوق بامتثاله لإجراءاتها المتخذة.
إن الأجانب المقيمين سواء المستثمرين أو الموظفين والعمال يشكلون نسبة لا بأس بها من سكان البحرين والمصداقية الاقتصادية للبلد ترتبط كثيرا بالانطباع الذي يكونه هؤلاء عن الأنظمة القضائية في المملكة ولا يجب أن يتحول اجراء قضائي احترازي الى وسيلة لإرعابهم وجعلهم يحسون بأن حريتهم مهددة في أية لحظة.
أتمنى حقا أن تتخذ قرارات تعيد النظر في آلية منع السفر منعا لأي استغلال لها خارج حدود ونطاق الاعراف القانونية المتبعة في كل دول العالم خصوصا أن المؤسسة القضائية البحرينية في ظل المشروع الإصلاحي لعاهل البلاد المفدى جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة تشكل ركيزة اساسية في التنمية ويشهد لها بالنزاهة والاستقلالية والمهنية على ابعد الحدود.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية