العدد 2163
الثلاثاء 16 سبتمبر 2014
banner
أميركا تصنع الإرهاب وتعلن الحرب عليه محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
الثلاثاء 16 سبتمبر 2014

ليس هناك من لا يشك بأنّ الولايات المتحدة الأميركية هي صانعة الإرهاب العالميّ. فذاكرة الكثيرين تستحضر دور هذه الدولة في إيجاد القاعدة وأخواتها من منظمات إرهابية عالمية بهدف خلق الفوضى في أي منطقة تشاء من العالم. وداعش تندرج ضمن هذا السياق حيث اختلقتها الولايات المتحدة لأهداف خاصة واليوم دعت الى تأييد واسع من الحلفاء والشركاء من الشرق والغرب لتدميرها. الرئيس أوباما يصرح بأنّ الولايات المتحدة ستلاحق مقاتلي داعش وتقضي على قادتها مثلما فعلت مع تنظيم القاعدة وكما فعلت مع الصومال. أوباما أعلن بصراحة وبغير مجاز ولا تورية أنّ بلاده لن تسمح لحفنة من الأشرار أن يتحكموا في مصير العالم ويهدموا حضارته. لهذا الغرض اجتمع قادة الدول في الأسبوع الفائت لاجتثاث هذا التنظيم الفاشيّ الذي لا يقل فاشية وسادية عما كان في أوروبا في أربعينيات القرن الماضي كالحزب النازي في المانيا.
الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها قد يستطيعون اقتلاع قواعد ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام وإبادة عناصرها وقادتها، لكن السؤال الذي يبعث على القلق هل بإمكان هؤلاء الحلفاء اقتلاع الجذور الفكرية لهذا التنظيم الإرهابيّ؟ البعض يساوره الشك ذلك أنّ اميركا بإعلانها الحرب على داعش تغفل ما يدور في دول أخرى ليست بعيدة عن العراق من حركات تعيث فيها فساداً وخراباً. الذي لا يختلف حوله أحد من العقلاء أنّ ظاهرة داعش هي أخطر حركة ارهابية في العصر الحديث. فحسب علمنا انّ التاريخ البشري لم يشهد ظاهرة بهذه البشاعة كما هو الحال مع هذه العصابة الهمجية.
إنّ القضية التي تشغل بال كل فرد في العالم العربيّ والإسلامي هي هذا الوباء الذي اجتاح عالمنا مهددا بنسف كل القيم والمبادئ التي قامت عليها حضارتنا الإسلامية بأسرها. وكان التساؤل الذي يدور في الاذهان هو “هل هذا هو فكر الاسلام؟ وهل انتشر الاسلام بهذه الطريقة في ارجاء الأرض”، لا يمكن فصل نشوء ظاهرة بحجم وخطورة داعش عن ما يسود عالمنا العربيّ والإسلاميّ من موجات الكراهية المنفلتة من عقالها.
ليس هناك خيار أمام الدول العربية والإسلامية اليوم من التصدّي لهذا الخطر المحدق بالأمة بمراجعة موضوعية للفكر السائد والبيئة التعليمية والتربوية. والمعنى الذي نقصده هو إجراء دراسة للمناهج المتبعة في العديد من الدول الاسلامية لأنّها تعد المسؤول الأول عن موجة الانحرافات. والمؤسف أنّ جميع هذه الحركات تتلبس بالإسلام بينما هي في واقعها تكرّس العنف منهجا وأسلوباً.
إنّ الدولة الإسلامية التي وضع قواعدها محمد بن عبدالله (ص) قبل ألف وأربعمئة عام والتي أخذت مكانتها الحضارية بين الأمم منذ ذلك العصر حتى اليوم قدمت نموذجا للدولة العصرية عبر جمعها بين الدّين والدولة بيد أنّ الذي تحث عليه “داعش” هو نقيض للدولة المدنية العصرية. الدواعش يريدون باختصار اقتلاع جذور الدولة الحديثة عن طريق تدمير البنى الثقافية للدولة وبالأخص رسالة التسامح والسلام والمحبة. بينما يرى آخرون أنّ المطلوب على وجه السرعة ودون ابطاء تبني سياسة جديدة تنهض على التسامح وتوسيع نطاق الحريات وهو ما تفتقده العديد من بلداننا العربية.
لابدّ من الاعتراف هنا أنّ قصورا ما شاب معالجات دولنا العربية والإسلامية في التعامل مع موجات العنف والذي تمثل “داعش” قمته بلا منازع باستثناء البعض منها حيث ادركت متأخرة أنّ تعاطيها معها لم يكن بالصورة المطلوبة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .