العدد 2784
الأحد 29 مايو 2016
banner
حوكمة الشركات العائلية د. حسن العالي
د. حسن العالي
الأحد 29 مايو 2016


أطلَقَ مجلس الشركات العائلية الخليجية أول مرجع رسمي ودليل إرشادي في الشرق الأوسط لتطبيق الحوكمة المؤسسية ضمن الشركات العائلية الخليجية، وذلك تحت مسمّى “ميثاق حوكمة الشركات العائلية الخليجية”.
يهدف “الميثاق” إلى مساعدة الشركات العائلية في وضع نُظُم حوكمة مدروسة لكل القوانين والسياسات والإجراءات وفق أفضل المعايير المُعتَمَدَة في حوكمة الشركات العائلية؛ وذلك من أجل ضمان ازدهار الأعمال واستدامتها للأجيال المقبلة.
وكنا قد كتبنا سابقا حول هذا الموضوع في عدة مرات أكدنا فيها أن الكثير من الدراسات بينت تردد الشركات العائلية في تبني قواعد الحوكمة. وهذا يعكس في الحقيقة أن هذه الشركات وإن كانت مقتنعة بأهمية قواعد الحوكمة، لكنها ترى أن قواعد حوكمة الشركات العائلية يجب أن تختلف عن حوكمة الشركات العامة التي يملكها عدد كبير من المساهمين. فامتلاك عائلة ما لشركة يركز السلطة في يدها، فيسهل اتخاذ القرارات، الأمر الذي يُخفّض التكاليف الإدارية، كما يسمح باتخاذ قرارات أكثر سرعة.
طبيعة هيكلة الملكية في الشركات العائلية وعلاقة أفراد العائلة بعضهم بعضا يسمح بخلق حالة من الثقة المتبادلة بينهم. ومن شأن هذه العلاقة أن تخفف من الحاجة لوجود قواعد صارمة للحوكمة، حيث تصبح الحافزية الذاتية (كون كل فرد في العائلية يشعر بأنه شريك في ملكية الشركة) مصدر قوة للمؤسسة؛ لأنها تسمح لكل قسم منفصل من أقسام الشركة بالعمل بصورة أفضل، وإضافة قيمة أكبر مع البقاء متناغما مع المُكّونات الأخرى.
وبمعنى أخر، تشكل مشاركة المالكين أنفسهم في إدارة العائلة مفتاح الحوكمة الفعالة للشركات العائلية. فالملكية العائلية تحدّد قيم ورؤية وأهداف الشركة. كما تبين الأهداف المالية وتوقعات الأداء التي ترشد قرارات مجلس الإدارة والإدارة. ويقدم المالكون أيضاً رؤية شاملة تُحدّد بشكل عام إستراتيجية الشركة. وهذا يوضح ويُركّز الأهداف بشكل أكبر ويساعد في وضع الضوابط الإستراتيجية المناسبة على قرارات مجلس الإدارة والإدارة.
ومع ذلك، فقد شهدت الأعوام الماضية قيام الشركات العائلية بتبني بعض الآليات الحديثة في تطبيق نظام الحوكمة الفعال مثل إدخال أعضاء في مجلس الإدارة واللجان التابعة له من غير أعضاء العائلة ممن يمتلكون الخبرة الكافية، مما يساعد على فصل مصالح العائلة عن مصالح الشركة، وبالتالي، المساهمة في الحد من تأثير الجوانب العائلية البحتة على أعمال الشركة. كما تتضمن آليات الحوكمة إدخال عناصر كفوءة من غير أعضاء العائلة في المناصب العليا في الشركة، كذلك وضع لوائح مكتوبة لقياس الأداء والصلاحيات والمسئوليات، والشفافية في إدارة اتخاذ القرارات المهمة في الشركة.
ونظرا لتفاوت أوضاع الشركات العائلية عن الشركات العامة، نحن ندعو الأجهزة الرقابية والإشرافية الخليجية، وهي تشجع الشركات العائلية على تبني قواعد الحوكمة؛ للأخذ بالاعتبار العوامل أعلاه، وكذلك تقديم الدعم لها في هذا المجال من خلال توفير أجهزة استشارية لتقديم الخدمات الاستشارية الخاصة بالحوكمة لهذه الشركات علاوة على وضع اللوائح الواضحة والمبسطة لذلك.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .