العدد 2335
السبت 07 مارس 2015
banner
أفضل حلفاء أوباما (2) عطا السيد الشعراوي
عطا السيد الشعراوي
ستة على ستة
السبت 07 مارس 2015

في الوقت الذي تدعو فيه التايم وغيرها من الصحف، إضافة إلى الخبراء والمراقبين إلى اتباع سياسة أوبامية اكثر قربًا من الحلفاء وأكثر حسمًا ضد الأعداء، فإن أوباما يعتمد سياسة انعزالية قدر المستطاع عن العالم وأحداثه اكتفاءً بما قدمته واشنطن من تخريب وتدمير للعالم وانتظارًا لما سيستقر عليه الوضع العالمي جراء التدخلات الأميركية المتراكمة خصوصا منذ عام 2001 وإلى الآن.
أوباما لا يعنيه من الحلفاء سوى اسرائيل وإيران ولا يهمه من الأعداء سوى ما يهدد الأمن الأميركي، ولا يشغله ما يشغلنا نحن من إرهاب داعشي وتطرف فكري واحتلال اسرائيلي ونووي إيراني، وهو ما يضع كثيرا من الشكوك حول نجاح التحالف الدولي ضد الإرهاب الداعشي، حيث يبدو أن انضمام واشنطن لهذا التحالف إما هو نوع من الدعاية للوصاية الأميركية على المجتمع الدولي أو لرغبة واشنطن في إفشال هذا التحالف وتوجيهه وفق الإرادة الأميركية وعدم تخطي الحدود التي تراها واشنطن.
فرحنا كثيرًا عندما رفض اوباما الربط بين الإسلام والإرهاب وكأننا في حاجة إلى من يؤكد لنا هذا الفصل أو كأننا لسنا موقنين بأن ما يحدث من تطرف وإرهاب هو في معظمه صنيعة أميركية أو نتائج لسياسات أميركية متعمدة لخلق تنظيمات مشوهة تتحدث باسم الإسلام وتسيء إليه مثل القاعدة وداعش وغيرها.
إلا أن التقرير الذي نشرته التايم الأميركية لفت إلى أن أحد الأسباب التي دفعت بالبيت الأبيض ألا يُطلق على تنظيم داعش صفة الإسلام، هو أن الوثائق التي صودرت بمنزل أسامة بن لادن في باكستان كشفت عن قلقه قبل اغتياله من أن يحرم العالم تنظيم القاعدة من صفة الإسلام.
هذا يعني أن رفض أوباما الربط بين الإسلام والإرهاب ربما ليس عن قناعة منه، وليس أيضًا إرضاءً لحلفائه العرب وإنما نكاية في القاعدة ولحرمان اسامة بن لادن مما كان يأمل فيه.
تقرير التايم المذكور يفسر كثيرا من اوجه الغموض فيما يتراكم حولنا من أحداث تجعل من الصعب علينا الفصل والحسم في كثير منها، فالمجلة الأميركية تشير في تقريرها إلى أن “المجرم” بشار الأسد يتعامل مع داعش بنهج نفعي، وله تعاملات معه تمليها الضرورة، إذ كان يشتري النفط في الأشهر الأولى من ظهوره بسوريا، وأن الأسد لا ينظر للتنظيم باعتباره مشكلته الأولى مقارنة بالجيش السوري الحر أو تنظيم النصرة، وأن داعش لم يهدد سلطة الأسد مباشرة. وقال التقرير أيضا إن الأسد يرى أنه كلما تعزز وضع التنظيم كان ذلك مفيدا له لأنه يزيد من قلق أميركا التي سوف ترى في النهاية أن نظام دمشق يمثل حصنا لها من التنظيم.
أليس هذا هو ما يحدث حاليًا، فالأسد بعد أن كان مجرم حرب وكان سبب الأزمة الطاحنة في سوريا اضحى الآن جزءًا من الحل، بل هو من بيده مفاتيح حل الأزمة.
كان واضحًا أن أوباما يرسل بإشارات متناقضة في التعامل مع الملف السوري، فتارة نراه متحمسًا لضربة عسكرية، ثم يرتد سريعًا إلى اللين الدبلوماسي والسياسي والحديث عن الحل السلمي للأزمة السورية.
هل كان أوباما على علم بحدوث هذه التطورات قبل فترة وكان واثقًا بهذا التحول الاستراتيجي الإقليمي والدولي ولذا كان مترددًا تجاه الملف السوري، وهل كان هذا التردد مقصودًا لإبطاء الزمن وتمكين المجرم بشار بمعاونة من تنظيم داعش الإرهابي لتكون له كلمة الفصل في سوريا.
يبدو أن أفضل حلفاء أوباما هو بالفعل تنظيم داعش ولكن ليس بالمعنى الذي تقصده التايم، أي عبر حشد أعداء التنظيم، وإنما بالمعنى الحرفي للكلمة، فالتنظيم على الأرجح صنيعة للمخابرات الأميركية أو على الأقل لنقل إنه نتاج للسياسات الأميركية، كما يبدو أن تنظيم داعش يتحرك ويتوسع ويتمدد وينكمش وفق ما يحقق مصالح واشنطن وحلفائها كإيران وإسرائيل ويسير بكل أفعاله وانتهاكاته ضد المصالح العربية أو مصالح ما يفترض أنهم حلفاء لواشنطن.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .