العدد 2599
الخميس 26 نوفمبر 2015
banner
حماية المرأة من العنف الأسري عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
الخميس 26 نوفمبر 2015

لم يخلق الله المرأة عبثًا في الحياة، فهي الوعاء الإنساني الذي يتكون فيه خلق الإنسان، ثم يترعرع وينمو ويزيد خَلقًا وخُلقًا، ويثمر نموًا بفضلها ورعايتها، المرأة هي الإنسانة المُفعمة بالحُب وأساس استمرارية الحياة، ومثلما هي بحاجة للرجل فالرجل بحاجة إليها أكثر وأكثر. والمرأة البحرينية علامة مضيئة من علامات المجتمع البحريني المتفتح، ولم تعد ذلك العبء الاجتماعي الذي كان يخجل منه الكثيرون، بل خرجت كالرجل إلى الحياة فنهضت وتميزت، بل كانت أكثر تميزًا من الكثير من الرجال.
وإذا كانت هذه هي حال المرأة من الوعي والعِلم والرقي، فلماذا يعمد البعض إلى أذيتها؟  ولماذا نجعلها تشتكي أو تتألم؟ ألا يدري أولئك الذين يؤذون المرأة أن الأديان السماوية حثت كثيرًا على حُسن معاملتها، وأنه بحقها تم وضع الكثير من التشريعات القانونية والحقوقية والإنسانية من محلية وإقليمية ودولية؟ البعض منا مازال يجهل سر خلق المرأة في الحياة، فاعتقد فقط بكونه رجلاً من حقه أن يستخدم تجاه المرأة سواء كانت (أمًا، زوجة، أختا) شتى أصناف الاضطهاد والعنف من لفظي وجسدي ومعنوي بدون رحمة أو شفقة، متناسيًا حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حول رعاية المرأة “استوصوا بالنساء خيرًا”، ولفضلها ومكانتها خصها سبحانه وتعالى في قرآنه المجيد بسورة قرآنية “سورة المرأة”. إلا أن البعض من الجاهلين لهذا الفضل والغافلين لهذه المكانة أرادوا أن يرجعوا المرأة إلى عصر ما قبل الإسلام.
ومن أجل تعزيز دور المرأة المجتمعي وحمايتها من كل أساليب العنف الأسري من لفظي وجسدي ومعنوي أطلق المجلس الأعلى للمرأة يوم الاثنين بتاريخ 23 نوفمبر 2105م أول استراتيجية وطنية لحماية المرأة من العنف، وشاركت الجهات الرسمية والأهلية في وضع برامجها اللازمة من أجل وقاية المرأة وحمايتها، وتوفير الأطر القانونية والخدمية اللازمة لتنفيذ هذه الاستراتيجية. وتم إعداد هذه الاستراتيجية من أجل تحقيق مجموعة من الأهداف وهي (الوقاية من العنف الأسري، الحماية والخدمات، متابعة القوانين والتشريعات المتعلقة بالعنف الأسري، التوعية والدعم الإعلامي، الدراسات والبحوث والتقييم والمتابعة)، وتأتي هذه الأهداف من خلال رؤية المجلس الأعلى للمرأة والمتمثلة في (امرأة آمنة من أجل مجتمع مستقر) ومن خلال رسالتها في هذه الاستراتيجية المتمثلة في (نحو مجتمع آمن ومستقر تتمتع فيه المرأة بجميع حقوقها بما يُعزز سلامتها الصحية والنفسية في إطار الترابط العائلي، ويضمن لها أداء دورها في التنمية الاجتماعية والاقتصادية بشكل فعَّال وتنافسي).
وهذه الخطة الاستراتيجية تتوافق مع الإعلان العالمي للقضاء على جميع أشكال العنف مع المرأة الصادر في عام 1993م، ومع مفهوم العنف الصادر عن منظمة الصحة العالمية في عام 2002م، ومع الاستراتيجية العربية لمناهضة العنف ضد المرأة (2011م ــ 2020م)، ومع القانون البحريني رقم (17) لعام 2005م بشأن الحماية ضد العنف الأسري. ويتطلع المجلس الأعلى للمرأة لأن تكون هذه الاستراتيجية مساعدا لقانون حماية الأسرة من كل أشكال العنف الأسري، وبما يعمل على إعداد وتطوير تشريعات تكافح العنف الذي يُمارس ضد المرأة، وأداة لتقديم أفضل خدمات الوقاية والممانعة والتأهيل الأسري. إن هذه الاستراتيجية لم تأت من فراغ بل من أجل تحقيق الحماية للمرأة والأسرة والمجتمع، لأن المرأة عمود الأسرة والأسرة لب المجتمع والمجتمع هو الإطار الذي يجمع جميع أفراد المجتمع.
وستعتمد الاستراتيجية في تحقيقها على عدد من الآليات، وفي مقدمتها التعليم والتثقيف وتنمية القيم والمهارات الاجتماعية، بما في ذلك تطوير دور المؤسسات التعليمية في حماية المرأة من العنف الأسري، بجانب تطوير برامج التثقيف الأسري الذي سيعتمد تنفيذه على عدد من البرامج الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والتأهيلية. وسيتم إعداد مجموعة من برامج التوعية والتدريب والتثقيف التي سيشترك بأدائها بجانب مركز دعم المرأة بالمجلس الأعلى للمرأة عدد من المؤسسات التربوية والصحية والمهنية والاجتماعية والحقوقية والتشريعية المعنية، بما يحقق الشراكة المجتمعية والتعاون الفعلي بتحقيق الاستقرار للمرأة والأسرة البحرينية.
إن الأهداف الستة التي جاءت بها هذه الاستراتيجية جميعها لو تحققت ستضمن للمرأة البحرينية السكينة والاستقرار، والأمن والأمان لأسرتها، والنماء لأبنائها، والتطور لبلادها. وهذه الخطة تصب في المشروع الإصلاحي الوطني لجلالة الملك، وتتماشى مع المادة (5) من دستور مملكة البحرين ـ الفقرة أ ـ (الأسرة أساس المجتمع)، وتتبوأ المرأة البحرينية مكانة متقدمة في أجندة قيادتنا السياسية الرشيدة من أجل الحفاظ على كيانها ومما يعزز بناء الأسرة البحرينية. فإذا سلمت المرأة سلمت الأسرة ويكون المجتمع سالمًا. حفظ الله البحرين وقيادتها ونساءها وشعبها من كل سوءٍ ومكروه. آمين يا رب العالمين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .