العدد 2485
الثلاثاء 04 أغسطس 2015
banner
ماذا فعل العرب إزاء سياسة التمدد الإيراني عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
الثلاثاء 04 أغسطس 2015

استطاع النظام الإيراني اختراق النظام الأمني العربي من خلال أحداث الربيع العربي، وذلك من أجل استكمال تطبيق استراتيجية تصدير ثورته إلى الأقطار العربية، وبلعب دور مؤثر وفعال في الهلال في المنطقة العربية من خلال الحكومات والمنظمات والأحزاب والجمعيات السياسية الموالية له. واعترف عدد من مسؤولي النظام بأن الحكومة الإيرانية ومن خلال مرشدها الأعلى هي المحرك الرئيس لأحداث أربع عواصم عربية هي العراق وسوريا ولبنان واليمن. وساهمت المواجهة الوهمية بين إيران والولايات المتحدة الأميركية والعواصم الغربية في تحولها إلى لاعب رئيس ومؤثر في المنطقة، وأتاحت لها الموافقة الغربية على برنامجها النووي مساحة أكبر للتحرك، ليثبت جليًا للجميع أن التحركات الإيرانية في المنطقة العربية والخليجية بعد وقبل الموافقة على الملف النووي كانت تسير بخطى ثابتة واستراتيجية تعاونية بين طهران وواشنطن لتحقيق أهداف العاصمتين في الهيمنة والسيطرة على المنطقة العربية. واعتبر مندوب مدينة طهران في البرلمان الإيراني علي رضا زاكاني أن “ثورة الحوثيين في اليمن هي امتداد للثورة الإيرانية”. ومما سهل على النظام الإيراني اختراق أمننا العربي الفراغ السياسي والنزاعات العسكرية في بعض الأقطار العربية التي فتحت الباب لحرية الحركة والفعل الإيرانيين، مما جعلها طرفًا في تشكيل سياسة المنطقة وإضعاف الدور العربي والخليجي.
فمن خلال ملفها النووي واستراتيجية تصدير ثورتها تسعى إيران لتشكيل قطب بمعية الدول التي انخرطت في مشروع الثورة الإيرانية يناهض قطب الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة العربية، وأشار إليه المرشد الأعلى في أحد خطاباته في قوله “إن الاستراتيجية الإيرانية تشهد تحولاً جديدًا”، مشيرًا لوجود صرح قوي راسخ منبعث من “الثورة الإسلامية”، ولتأكيد ذلك فما بين فترة وأخرى تستعرض الدولة الإيرانية قوتها وقدراتها العسكرية في الأرض والبحر والسماء، فهذه القوة العسكرية المتزايدة في العدد والعتاد تدعم استراتيجيتها السياسية الهادفة للتوسع الجغرافي في المنطقة العربية.
مقابل هذه الاستراتيجية السياسية والعسكرية الإيرانية ماذا فعلت الأنظمة العربية؟ فهل الأنظمة العربية لديها الاستعداد للتخلي عن خلافاتها وتوحد استراتيجيتها تجاه ما تلاقيه من تحديات مصيرية؟ فنحن نحتاج إلى جيوش عربية تمتلك القدرة النوعية في القتال وذات مستوى قتالي مرتفع، جيوش تمتلك أنظمة تسليح دفاعية وهجومية ذات تقنية عالية ومن مصادر تصنيعية متعددة، خصوصا في أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي والمقاتلات، وسفن السطح والغواصات والمركبات المدرعة، والصواريخ المضادة للدبابات، ومعدات الحرب الإلكترونية وغيرها من مستلزمات القيادة والسيطرة والاتصالات والاستخبارات. نحن العرب لدينا الأموال لنشتري بها وجودنا ولنحمي بها سيادتنا الوطنية والقومية.
لقد كانت هناك تجربة لصناعة السلاح النووي في العراق وليبيا إلا أنها تم اجتثاثها من قبل واشنطن والعواصم الغربية، في الوقت الذي سمحت فيه للعدو الصهيوني أن يستمر ويطور تجاربه كما سمحت للنظام الإيراني أن يفعل ذلك، والهدف هو أن لا يمتلك العرب أي سلاح ردع استراتيجي والسماح للعدو الصهيوني وإيران بالتفوق على العرب في هذه المجالات وبمساعدة سخية من قبل العواصم الغربية. لذا فإن مواجهة التدخلات الإيرانية واستفزازاتها المستمرة لنا لن تكون بالحروب الإعلامية والشجب والاستنكارات بل من خلال بناء قاعدة صناعية عسكرية وطنية تقنية متطورة تغنينا عن الاعتماد على الخارج، وهذه الصناعة ستعزز مكانتنا على الساحتين الإقليمية والدولية وستحمي أقطارنا من تدخلات الآخرين.
لقد فقدنا فلسطين والأحواز والجزر العربية الثلاث وكذلك العراق ولا نعرف ما هو مصير ليبيا وسوريا، وإن ظلت أحوالنا العربية كما هي سنفقد أقطارًا عربية أخرى، وإذا كنا نعتمد على واشنطن وعواصم الغرب في حمايتنا فهي في الحقيقة لا تحمينا بقدر ما تحمي وترعى مصالحها الموجودة في منطقتنا العربية، والحروب التي نفذتها القوات الأميركية والغربية في منطقة الخليج العربي ساهمت كثيرًا في تعزيز قوة ومكانة ونفوذ الدولة الإيرانية في منطقة الخليج العربي. واليوم يتعين على الولايات المتحدة الأميركية التفاوض مع الدولة الإيرانية لحل أية مشكلة من مشكلات الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا ومن بينها حل الأزمة السورية واللبنانية والفلسطينية واليمنية. هذه هي سياسة التمدد الإيراني في المنطقة العربية... فماذا فعل العرب إزاءها؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية