العدد 2166
الجمعة 19 سبتمبر 2014
banner
تدريس المواطنة وترسيخ مفاهيم التعايش عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
الجمعة 19 سبتمبر 2014

يأتي تدريس مادة المواطنة متلائمًا مع التوجه الإصلاحي الذي تتبعه مملكة البحرين ومواكبًا للتحوّلات الاجتماعية، وبما يتوافق مع التطورات العلميّة والتكنولوجيّة الحديثة. ومادة المواطنة من المواد التربوية الجديدة نسبيًا التي أقرت تعليمها وزارة التربية والتعليم في العام الدراسي 2005م-2006م، وتهتم هذه المادة بتكوين شخصية الطلبة البحرينيين وتعريفهم بكل المؤسسات الدستورية ومؤسسات المجتمع المدني وبالموضوعات المتعلقة بحقوق الإنسان الدستورية والقانونية وكل الاتفاقيات المتعلقة بها، كما يتناول منهج المواطنة الأسرة البحرينية، ميثاق العمل الوطني، حقوق المرأة والشباب والطفل، الحوار وأساليب حل الخلافات والاعتراف بالآخر والتعايش معه. وذلك استنادًا إلى الفقرة (ب) من المادة السابعة من الدستور التي تنص على أنه “ينظم القانون أوجه العناية بالتربية الدينية والوطنية في مختلف مراحل التعليم وأنواعه”، والهادفة إلى تقوية شخصية المواطن البحريني واعتزازه بعروبته، مما يعزز قيم المواطنة والحوار والديمقراطية.
وتكمن أهمية تدريس مادة المواطنة في مدارس وزارة التربية والتعليم كضرورة وطنية لإكساب الطلبة مختلف الكفايات والمهارات والقيم والاتجاهات التي تنمي لديهم الوعي الوطني، وتكسبهم الثقافة المواطنة الأصيلة، وتغرس في نفوسهم روح الإخلاص وقيم الولاء والانتماء للبلاد وقيادتها. وهذا يتفق مع المشروع الإصلاحي الذي يقوده جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد، ومواكبًا للتوجهات العالمية التي تدعو إلى تنمية الحِس الوطني والوعي الاجتماعي، ولتكوين جيل قادر على الحياة في عالم متغير ومتسارع. كما أن تدريس هذه المادة يُحقق ثلاث ضرورات أساسية، ضرورة وطنية، لتنمية الإحساس بالانتماء والهوية الوطنية العربية، ضرورة اجتماعية، لتنمية المعارف والقدرات والقيم والاتجاهات، والمشاركة في خدمة المجتمع، ومعرفة الحقوق والواجبات، ضرورة دولية، لإعداد المواطن وفقًا للظروف والمتغيرات الدولية.
وتتبوأ اليوم مادة “المواطنة” منزلة مهمة في المنظومة التربوية، لكونها تساهم في تكوين النشء لتجعله واعيًا بهويته الوطنية العربية وممتلكًا للحِس المدني، وشاعرًا بالانتماء الحضاري، ومكتسبًا لقيم السلوك الإنساني، وتحصنه من أي غزو ثقافي مستهدف لتقاليده وهويته. فبناء الأمم لا يأتي فقط بالعلوم ولكن أيضًا ببث الوطنية في نفوس الأبناء وترسيخ مبدأ المواطنة في عقولهم، فالمدارس اليوم لها دور آخر بجانب التعليم العلمي والمعرفي ألا وهو تشكيل المواطن ليكون أداة فاعلة في مجتمعه، لكون المدارس الموقع الأساسي لبناء الهويات الوطنية لتلاميذ اليوم وقادة الغد وإكسابهم المعرفة الاجتماعية. إن النهضة الحديثة تقوم على أعمدة رئيسية، ومن أهمها النظام التعليمي الذي يخلق المواطن الصالح ويجعل المواطنة من أنبل أهدافها وأولها، لأنها تعمل على تعزيز الولاء الوطني وترسيخ قيم المشاركة المجتمعية، وتغرس لدى الطلبة الاتجاهات التي تسمو بالمواطنين، وتعلمهم التضحية بالمنفعة الشخصية لتحقيق المصلحة العامة للبلاد والمواطنين.
إن التعايش السلمي ونبذ الصراع واحترام الرأي الآخر والالتزام بالقانون، جميعها قيم مشتركة لأفراد يعيشون في مجتمع متحضر متسلح بالمواطنة الصالحة، إن الدول والشعوب المتعثرة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا تحتاج إلى بداية تكوين فكري منهجي لتدريس هذه القيم المشتركة لتحقيق التغيير الذي تنشده تلك الدول وشعوبها، والمفتاح الأساسي لذلك هو التعليم، وجعل جودة التعليم من أهم أولويات الدولة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية