العدد 2332
الأربعاء 04 مارس 2015
banner
من المستفيد في الحرب على داعش؟ أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأربعاء 04 مارس 2015

ما يعنينا بالدرجة الأولى هو أمن البحرين وسلامتها مع أمن دول مجلس التعاون وهي الأولوية ضمن مثلث الإرهاب.
عنوان الحرب على داعش هل هو بريء من حيث الجانب النسبي؟ هل الحرب على داعش لها علاقة بخلق معادلة جديدة يتم خلالها تقسيم المنطقة والنفوذ بين السنة والشيعة؟ وهل الحرب على داعش من الممكن أن تكون نهايتها على حساب تقوية إيران وإضعاف السعودية ودول مجلس التعاون؟
ليس دفاعاً عن داعش فما يقوم به التنظيم من إرهاب فاق الوصف والخيال لا يمكن تبريره بأي حجج أو دوافع ولكن الحرب العالمية اليوم على داعش ما هي دوافعها المخفية؟ ومن المستفيد منها في سوق المال والتجارة ومن المتاجر بها من دول وشركات وأفراد ومستشارين وعلى حساب من هذه الحرب ومن الخاسر الأكبر فيها والرابح الأكبر؟ لا يجب أن ننقاد مثل الخراف الضالة وراء كل حرب بدون أن نسأل لماذا ومن المستفيد وما هي الأسباب قبل النتائج؟
قبل أن نتأمل الحسابات لنأخذ على سبيل المثال الحرب على داعش في العراق، لقد خسر السنة هناك مواقعهم وخسروا أوراقهم فيما تقدم الشيعة للمواقع الرئيسية وكلما تقدمت الحرب على داعش كلما فقد الشيعة ورقة من أوراقهم وإذا ما انتهت الحرب على داعش سوف تكون هناك خريطة جديدة سوف تتوزع النجوم فيها بحسب المكاسب والخسائر، ستنال الحكومة العراقية الموالية لإيران مع جيشها الرسمي ومليشياتها المسماة بالحشد الشعبي الذي يحارب اليوم داعش خمس نجوم بينما ستتراجع نسبة السنة هناك إلى ثلاث نجوم وربما نجمتين لو ظلت المعادلة منقلبة في الحرب اليوم ولم تستلم زمام الأمور الأطراف الأخرى ومنها مجلس التعاون.
لقد انشغل مجلس التعاون بالحرب على داعش في الفترة الأخيرة وتجاهل اليمن فخسر اليمن ولم يكسب من الحرب على داعش سوى أنه ساهم في دعم المجهود الحربي الغربي الذي تخلف كل هذه السنوات في معالجة اختلال التوازن بين السنة والشيعة في العراق وسوريا حتى تضخم تنظيم داعش وأصبح أخطبوطاً ساهم الغرب نفسه في تضخيمه ثم سارع فطلب من مجلس التعاون الإسهام في المجهود الحربي علماً أن سبب كل هذه الكارثة منذ البداية هو الغرب نفسه الذي حطم الجيش العراقي الذي لو كان قائماً لتغيرت المعادلة.
داعش اليوم قوة يحاربها العالم كله ولكن هل هناك من يعرف لغز داعش؟ ولماذا الحرب على تنظيم بالإمكان القضاء عليه في ساعات لو شنت حرب شاملة حقيقية، فلماذا هذه الحرب بالأقساط وبالنيابة؟ لابد من وجود مستفيد من الحرب الدائرة الآن على داعش والمستفيد يعمل على إطالة الحرب قدر المستطاع وتأخير القضاء على داعش بل وإطالة الوقت قدر الإمكان حتى يتحقق أكبر قدر من الأرباح وليست أرباحا بالضرورة مادية ومالية فهي تشمل تغييرا في الخرائط الجغرافية وفصل أقاليم وتمزيق دول وإضعاف دول وتقوية دول ومن ملامح هذه الحرب على داعش إضعاف دول مجلس التعاون خصوصا المملكة العربية السعودية وتقوية إيران وتركيا، صدقوا ذلك، نعم الغرب يريد إيران قوية والسعودية ضعيفة ولذلك يورط دول مجلس التعاون في انشغالات في العراق وسوريا واليمن ويتفاوض مع ايران على تقسيم الكعكة باسم النووي الذي تشبه محادثاته اليوم محادثات الغرب مع كوريا الشمالية قبل سنوات لمنعها من انتاج النووي حتى فوجئ العالم بكوريا دولة نووية وكانت اليابان الواقعة على طرف كوريا هي الخاسر الأكبر ووقعت في فخ المفاوضات الغربية مع كوريا وهذا ما يجري اليوم مع ايران حيث ليس من المستبعد أن تعلن ايران بين يوم وليلة عن تجربتها النووية الأولى فيما دول مجلس التعاون مشغولة باليمن والحرب على داعش.
لا أقول إن داعش لا تمثل خطراً على دول المجلس غير أن إيران والغرب يستفيدون من الحرب هذه في إضعاف المكون السني وتقوية المكون الشيعي والحرب قد تتطور لو انفلتت زمام الأمور ووقعت الحرب السنية الشيعية الشاملة فمن سيكون الخاسر؟ بالتأكيد الخاسر هو الشعوب بكل مكوناتها والكاسب شركات النفط والأسلحة والمصارف العالمية وهكذا يتم التلاعب بالدول والشعوب العربية والإسلامية فيما قادة هذه الدول من الغباء بمكان أنهم تحولوا إلى وكلاء للغرب في حربهم على بعضهم البعض.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .