العدد 2259
الأحد 21 ديسمبر 2014
banner
ماذا وراء الأزمة النفطية؟! أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأحد 21 ديسمبر 2014

ماذا نظن بشأن الأزمة البترولية والمالية العالمية؟ أيًّا كان وراء الأزمة النفطية الحالية، ومهما كانت الدوافع والخلفيات الخافية علينا، لكن لابد من التعامل معها بواقعية.
هل سيكون عام 2015 بداية الأزمة، ويعود العالم مرة أخرى يعاني مالياً، وبالتالي يؤثر على استقراره؟  
هل العالم على عتبة مشكلة مالية جديدة ستدخله نفقا آخر مختلفا يبعده عن مجال الرخاء، وهو نفق مجهول وستتلاحق الأزمات وتداعياتها بما سيحول العالم إلى غابة من الصراعات والمذابح على لقمة العيش، بل وستزداد الاحتقانات والمظاهرات وأعمال العنف في الدول، وسنرى معاناة الفقراء في كل مكان حينما لا يجد الناس ما يأكلونه إلا النشارة.                                                                       
سواء تغيرت الصورة من سلبية إلى إيجابية أو العكس، فإن العالم أمام مفاجآت غير مسبوقة بعد الأزمة الراهنة، إلا أن المتوقع من خلال تحليل وقراءة الخبراء والمختصين للوضع الدولي يرون شروط العولمة تتحكم بالعالم، وعلينا أن ندرك في البحرين الآن ونفهم كيف نتحرك؛ حتى لا نترك الأمور الى ذلك الحين، وفي هذا الشأن لابد للهيئات والمؤسسات أن تضبط مؤشراتها على العالم الجديد الذي يوشك أن يخرج من رحم هذه الأزمة.                                            
إن الأزمة المالية التي تشكو منها الدول اليوم، والتي دفعتها إلى وقف مشاريعها ودول أخرى إلى الاقتراب من حافة الإفلاس، بل إن بعض الدول أعلنت لأول مرة في التاريخ الحديث إفلاسها ولحسن الحظ أن البحرين بفضل سياسة السنوات الماضية، وبفضل أسلوب العمل المؤسساتي الذي أديرت به البلاد طوال ثلاثين سنة الماضية قد حد من التداعيات التي واجهتها بعض دول المنطقة والعالم، وبالتالي علينا الاستفادة قدر الإمكان من الأزمة الحالية بتحويل السلبيات إلى إيجابيات واستغلال ظروف الأزمة إلى أقصى حد في خلق مناخ جديد وشروط جديدة لنظام اقتصادي جديد وقوي قائم على دعم الاستثمار والانفتاح، والابتعاد عن المغامرات غير المدروسة.                                                                                
إن العالم كما قلت في البداية يوشك أن يدخل مرحلة انعدام الوزن في البحث عن مفترق الطريق بين الأزمة والطفرة، فأين سيكون موقعنا في هذه الخريطة الاقتصادية والمالية الجديدة التي توشك أن تنبثق من قلب الأزمة الحالية، والتي ستجعل بعض الدول والشركات أقوى مما كانت فيما ستقضي على البعض الآخر.                                                                                                  في دولنا العربية، وتحديداً الدول النفطية الخليجية، فإن الذي يحكم هذه السياسات، فهي أسعار النفط التي تعتمد عليها هذه الدول وشعوبها، ومن هنا نرى المأزق الذي تعيشه هذه الدول كلما اهتزت أسعار النفط، فبرغم الطفرة النفطية والمداخيل الهائلة للنفط، فالتضخم يكاد يلتهم ويهدد هذه الأموال الهائلة النفطية، ذلك أننا طوال هذه السنوات المنصرمة لم نستفد من توفير البنية العلمية التي تدخلنا نطاق الدول المنتجة والصناعية، بدلاً من الارتكاز على النفط كوسيلة وحيدة للحياة والعيش، وهذا الكلام قديم ومكرر، وقالته الكثير من الدراسات والمعاهد ورجال الاقتصاد، من دون نتيجة، وها نحن اليوم نجني ثمرة ذلك من خلال التضخم الذي لم نر حتى الآن شيئاً من كوارثة لا سمح الله، هذا في حال لو تفاقمت ظاهرة الأسعار اليوم، ولم تتوقف عند هامش، إذ يحذر الاقتصاديون ورجال السياسة من مشاكل اجتماعية واضطرابات وصراعات على لقمة العيش إن اتسعت رقعة الأسعار، وانسحقت الطبقة الوسطى. 
ما يطمئننا في البحرين هو السياسة الحكيمة للحكومة طوال السنوات الماضية، والتي قامت على التوازن والاعتدال في الإنفاق، وهو أمر يستوجب الاستمرار فيه مع مراعاة الطبقة الفقيرة، وضرورة تحسين أوضاعها.    

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية