العدد 2148
الإثنين 01 سبتمبر 2014
banner
نسوان الـ “جي بي إس”! فؤاد الهاشم
فؤاد الهاشم
علامة تعجب!
الإثنين 01 سبتمبر 2014


كنت طفلا من الزمن الجميل، الخمسينات والستينات، وأتذكر جيدا أن رؤية فتاة - أو امرأة سمينة - كان شيئا نادرا جدا! الذين سبقوني في القدوم إلى هذه الدنيا - من مواليد العشرينات والثلاثينات - يقولون الشيء ذاته، إنه لا وجود - تقريبا - لامرأة ذات وزن ثقيل إلا فيما ندر، فطبيعة الحياة - وقتها - كانت تجعل البنت الصغيرة تلعب في “الفريج” حتى تحرق عشرة آلاف سعرة حرارية - دون أن تقصد ذلك بالطبع، عقب التهامها لقطعة من “الرهش” وأخرى من “الزلابيا” وثالثة من “الحلوى” وكل ما ذكرناه يخلط ويصنع بالسمن البلدي “الحيواني” والمسمى قديما وحديثا بـ “دهن العداني”! تكبر البنت الصغيرة وتتزوج وتنتقل إلى بيت “الحمولة” حيث والدة الزوج وشقيقاته ووالده وأحيانا جدته أيضا فتتحول إلى “ميري - كويتية” تستيقظ من الخيط الأول من الفجر ولا تهدأ إلا بعد مرور عدة خيوط من الليل، ويكفي مشوار الذهاب الى البحر لغسل الملابس - جيئة وذهابا - حتي تتخلص من كل السعرات الحرارية الزائدة، وبالطبع دون أن تقصد ذلك!
زمان، لم يكن هناك “مصبغة على البخار” حتى ترسل المرأة “دشاديش” زوجها الشتوية اليها لتعود - وهي تبرق - يحملها “البنغالي” على كتفه بخدمة “التوصيل”، بل لا يوجد سوى “طشت معدن” لإنجاز هذه المهمة، وتخيل معي كم يصبح وزن الدشداشة الشتوية إذا غمرت بالماء والصابون، وتخيل - أيضا تلك اليد النسائية الخفيفة - “المهدود حيلها” من “الخمام والغسال والطبخ” وهي تحاول رفعها ووضعها على حبال الغسيل و... وفوق السطح أيضا!
تمنيت - ذات يوم - أن يكون لدينا “مومياء كويتية محنطة” من ذلك الزمن لنرى - ويرى الأبناء والأحفاد - شكل جسد المرأة الكويتية قديما، ثم ندرسها في المختبرات ونصورها بأشعة إكس لنكتشف أنها لم تكن تعاني من “الكولسترول” أو “ضغط الدم” أو” السكري” أو “النقرس” أو الترهل بسبب “الشحوم واللحوم اللي على الصواني تدور”، بل سنجد أجسادا رشيقة وقوية وصحية ربما ماتت من “الأنيميا” بسبب الفقر وقلة الفواكه والفيتامينات! اليوم تأكل المرأة الكويتية - أو تحاول - أن تقلل من النشويات والحلويات في طعامها، ومع ذلك، فإن الشحوم تتراكم، واللحم يتزايد، “والسفطات” تظهر في كل تضاريسها مما يجعل أزواج هذه الأيام بحاجة إلى جهاز “جي بي إس” - أو نظام “النوخذة الملاحي” - يتسلمه من والدها عقب عقد القران بنصف ساعة... فقط!! رحم الله زمان وأيام زمان ونسوان... زمان.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .