العدد 2014
الأحد 20 أبريل 2014
banner
لجنة التحقيق في رياض الأطفال هدى هزيم
هدى هزيم
الناس
الأحد 20 أبريل 2014

الرقابة ولجان التحقيق من أهم الوسائل البرلمانية التي تكشف مواقع القصور والخلل في الجهات الحكومية، وتبرز أهميتها حين تستخدم في قضايا مهمة وخطيرة، مثل لجنة التحقيق في الرقابة على دور الحضانة، ولنا وقفة سريعة حول التقرير الذي نشرته اللجنة في الصحافة المحلية مؤخراً.الحقائق والمعلومات التي خلصت إليها اللجنة، تعتبر كارثية وتكشف قصوراً واضحاً وإهمالا كبيرا في مجال رياض الأطفال، ونتساءل بحسرة وحيرة، أية حقوق للطفل نتكلم عنها في البحرين؟ وما فائدة قانون الطفل والتوقيع على الاتفاقات الدولية في مجال حقوق الطفل إذا كان واقع الطفل البحريني داخل دور الحضانة بهذه الصورة المؤسفة.
وأورد بعض ما جاء في التقرير، وزارة التربية تتستر على كثير من حالات الاعتداء على الأطفال، خلافاً للقانون الذي ينص على وجوب الإبلاغ عنها وتحويلها لمركز حماية الطفل، التربية توبخ مدير المدرسة في حال اتصاله بلجنة حماية الطفل للإبلاغ عن سوء تعرض له الطفل، أغلب الحضانات تزار مرة إلى مرتين سنوياً من قبل وزارة التنمية الاجتماعية كجهة رقابية وإشرافية على دور الحضانة، ثلاثة موظفين فقط بوزارة التنمية يشرفون على أداء 53 حضانة في البحرين. فهل يعقل ذلك، ويترك الأمر دون تدخل وحل عاجل من قبل المسئولين بالوزارة؟
وزارة التنمية تدعي بأنها عاجزة عن إحكام الرقابة لغياب الصلاحيات والأدوات القانونية، ومعه يتعذر التفتيش لعدم وجود صفة الضبطية القضائية، فهل يترك الأمر على ما هو عليه، دون تعديل وتوسيع للصلاحيات وحل المعضلة التي لا تحتمل أية تأخير، وتستوجب التدخل السريع والجاد من السلطة التشريعية والتنفيذية. ذلك الإهمال بعينه وعدم تحمل المسئولية. والضحية فلذات أكبادنا. كما كشفت لجنة التحقيق النيابية بأن مركز حماية الطفل سجل 22 حالة اعتداء على أطفال في دور الحضانة بـ 2013، 18 منها بحضانة واحدة. والله وحده عالم بالحالات التي لم يُبلغ عنها، كما حدث في فضيحة الاعتداءات على الأطفال في حضانة بمحافظة المحرق قبل فترة وجيزة، واكتشف الأمر متأخرا بعد أن دفع الثمن عدد كبير من الأطفاء الأبرياء لا تتجاوز أعمارهم الثلاثة أعوام! ولولا تدخل الصحافة ونشرها لتفاصيل الفضيحة لما تدخل النواب. لذلك نناشد النواب بعدم الاكتفاء بهذه اللجنة وتوصياتها، فالمسئولية تحتم عليهم الرقابة والمتابعة المستمرة، والضغط على الحكومة لتنفيذ التوصيات والحلول الممكن تنفيذها بصفة مستعجلة والعمل بجدية على تنفيذ الحلول القريبة والبعيدة المدى، والتي قد تحتاج تعديلات قانونية وصلاحيات رقابية ومعالجة النقص في الكوادر والصلاحيات والقوانين المعمول بها في الأجهزة الحكومية المعنية بالرقابة والإشراف كوزارتي التربية والتنمية. الطامة الكبرى في التقرير كشفها رئيس مركز بتلكو لمكافحة العنف الأسري حمد الشهابي بأن المركز تعامل مع روضة واحدة حدثت فيها حالات اغتصاب لعدد من الأطفال من قبل حارس الروضة بتواطؤ مع مدرسة آسيوية بالروضة. حادثة مثل هذه كان من الأولى نشرها في الصحافة ونشر نتائج التحقيقات وقرار المحكمة والعقوبة المنفذة على الجاني، ونشر اسم الروضة، واسم مالكها، حتى يعي أولياء الأمور حجم المشكلة وحقيقة دور الحضانة في البحرين. فمعظم أؤلياء الأمور نائمون في العسل، ويعتقدون بأن دور الحضانة مكان آمن لأطفالهم. وصرحت لجنة التحقيق بأنها لم تقم بزيارة ميدانية للحضانات؛ كونها قطاعا خاصا وبحسب القانون لا سلطة للبرلمان عليها، وهنا نناشد الحكومة بمعالجة تلك الثغرة القانونية، فأي جهة خاصة تخضع لإشراف ورقابة جهة حكومية، لابد أن يكون للبرلمان حق الرقابة عليها. مثل المستشفيات الخاصة ودور التعليم والحضانة. تلك جهات حساسة وخدماتها تمس حياة المواطنين، ويجب عدم ترك مسئوليتها بالكامل للتجار وأصحاب النفوس الضعيفة. والحقيقة أن قطاع رياض الأطفال يعاني مشاكل عديدة ومعقدة لا تنحصر في إهمال الأطفال وتعرضهم لسوء معاملة، وقد تناولتها الصحافة مرات عديدة، ولكن كما يقول المثل الشعبي “عمك اصمخ”. تلك المشاكل واضحة لأي مراقب أو زائر لأي دور حضانة في البحرين، فالمباني غير مؤهلة، ومعلمات الرياض غير مؤهلين، والقطاع فيه متاجرة، فتجد أي شخص يمكنه فتح روضة، من غير أن يكون مؤهلا ولا يحمل أية خبرة في هذا القطاع، العاملون بالروضات من معلمين ومشرفين مستواهم متدن جدا من حيث المؤهل والخبرة ويعانون مشاكل في جانب حقوقهم الوظيفية وتدني رواتبهم. فكيف يوكل لهؤلاء رعاية أطفال دون سن الثالثة. المشكلة كبيرة في حجمها، وبعيدا عن دور لجنة التحقيق، نوجه نداء عاجلا للسلطة التنفيذية متمثلة بالوزارات المسئولة بالتحرك السريع ووضع الحلول والخطط العلاجية على طاولة الحكومة، ومتابعة واستعجال حلها. تلك مسئولية كبيرة يتحملها الوزراء المعنيون. ولا نغفل هنا جانب في غاية الأهمية، وهو تأهيل وإعداد كادر كاف من معلمات الرياض لسد النقص الحاد في 53 روضة بالبحرين، وأهمية فرض برامج تدريبية مكثفة للعاملين الحاليين بالتنسيق مع مركز دراسات الطفولة بجامعة البحرين. وإلزام الحضانات بعدم توظيف معلمات دون اجتيازهم لتلك الدورات المكثفة إلى حين سد النقص في الكادر التعليمي. وهذا أقل ما يمكن عمله في الوقت الحالي. كما ننبه أولياء الأمور بدورهم الرقابي، فلولا إهمالهم وتقصيرهم لما تعرض هذا العدد الكبير من الأطفال لاعتداءات متكررة دون علم أمهاتهم وآبائهم. وهم الخط الأول المسئول عن الرقابة وتوفير الحماية والمكان الآمن لأطفالهم.كما يتحمل أولياء الامور مسئولية الكشف والإعلان عن القصور والمخالفات المرتكبة في الروضات، واليوم بالإمكان نشرها بكل سهولة في وسائل الإعلام الاجتماعي والتحري والتحقق من إدارة الروضة والعاملين فيها ومدى سلامة المبنى ونظافته قبل تسجيل أطفالهم وتركهم ساعات طويلة دون علم ودراية ورقابة عما يحدث لهم من تعذيب وتجويع وإساءة معاملة وتلك حقائق وجرائم واقعة لا داعي للتستر عليها بعد اليوم.
وختاماً نرجو ألا تمر هذه القضية مرور الكرام حالها حال كثير من قضايانا الشائكة والمهمة، نتطلع إلى قرار حكومي عالي المستوى، ينقذ فلذات أكبادنا، ويضمن توفير الحماية والرعاية السليمة لهم في دور الحضانة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .