العدد 2294
الأحد 25 يناير 2015
banner
خيانة “زعيم”
ستة على ستة
الأحد 25 يناير 2015

من أقوى وأبرز غرائب وعجائب ما يدور في اليمن أن يتآمر من كان يحكم هذا البلد لسنوات طويلة مع من يريد تخريبها وامتلاكها والسيطرة على جميع أمورها، وأن يتحول هذا الحاكم “السابق” من العدو الأشرس إلى المتعاون الأبرز لهذه الحركة الطائفية التي تنفذ مخططات إيرانية وأجندات دولية تعمل على تفتيت المنطقة العربية.
درس مهم قد نستخلصه من أحداث اليمن الغريبة، فالمنصب الرئاسي أو حلم الرئاسة الأبدية أهم بكثير مما يرفعه البعض ويتغنون به من شعارات براقة عن الإصلاح والإنجاز ومصلحة الوطن والنهضة والتقدم وغيرها من المسميات والمصطلحات دون أن نجد لها تطبيقًا على أرض الواقع في كثير من الدول.
للأسف الشديد أمثال علي عبدالله صالح يتعاملون مع الدولة وكأنها ملك خاص لهم لا يحق لغيرهم أن ينازعهم هذا الملك أو حتى يشاركهم فيه حتى لو كان هذا الغير قد جاء بإرادة شعبية وبعد طول معاناة وفترة شاقة وصعبة على معظم أبناء الشعب الذي انتفض ضدهم ولفظهم وطردهم من الحكم وأبعدهم عن الملك ولكن أنى يكون ذلك، وقد امتلك أمثال هؤلاء مكرًا وخبثًا في حين جنح الشعب إلى الطيبة ورقة القلب وآثر السلامة والعفو عما مضى.
يكررون الاتهامات بأن الشعوب لا تستحق الديمقراطية أو أنها لم تنضج بما يكفي ولم تتطور بالصورة التي تجعلها تمارس هذه الديمقراطية وتستمتع بها كما يفعل الغرب مثلاً، ويعتبرون أن هذه الديمقراطية بما تعنيه من حرية للرأي والتعبير تمثل خطرًا شديدًا على الدولة وسلامتها، إن الرسالة التي يحملها هؤلاء ويصرون عليها هي أن الحرية تعني الفوضى وتعيق تحقيق الأمن الكافي.
بهذا يبررون ديكتاتورية في الحكم وسلطوية في القرارات واستبدادية في الممارسات، وبهذا التناقض المزعوم بين الحرية والأمن يحاولون ترويج أنفسهم بأنهم يحرصون على صالح الوطن وتحقيق السلم الأهلي والتخلص من “المخربين” و”الإرهابيين” الذين يعكرون صفو هذا المجتمع.
وعندما يسقطون فإنهم قادرون على امتصاص الغضب الشعبي “البريء” فيركنون إلى التواري خلف الأنظار واللعب من وراء الستار وتحريك الخيوط كما يشاءون من أماكنهم أينما كانوا وراء اسوار السجون أو خارج الحدود، لأنهم يدركون طبائع شعوبهم وموقنون من نفاذ صبرهم وعدم تحملهم للبقاء طويلا في معسكر المقاومين للظلم والفساد ولن يصروا على مطالبهم بالحرية والديمقراطية والعدالة والشفافية.
من المحزن أن يكون أمثال هؤلاء “الخونة” لشعوبهم ودولهم قد شاركوا في تاريخ هذه الأمة ومن المؤسف أنهم لا يزالون على قيد الحياة، بل ويستمتعون بكامل صلاحياتهم وبجميع امتيازاتهم وإن كانت غير رسمية، في حين تخلصوا من عبء المنصب ومن تحمل المسؤولية أمام تلك الشعوب التي غضبت عليهم وثارت ضدهم.
سطروا تاريخًا مشوهًا وحاولوا تطعيم الأمة بمصطلحات وقيم ومفاهيم ما أنزل الله بها من سلطان وما كان لها من دليل أو برهان، وتمكنوا من إقناع الشعوب بأنهم زعماء وسادة، لكننا اكتشفنا بالنهاية أننا أمام خونة وأشر قادة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .