العدد 2014
الأحد 20 أبريل 2014
banner
فضل إيران في بقاء نظام بشار
ستة على ستة
الأحد 20 أبريل 2014

بلا خوف أو خجل، صرح قائد القوة الجوية في الحرس الثوري الإيراني علي حاجي زادة في الحادي عشر من شهر أبريل الجاري بأن بلاده أفشلت مساعي 86 دولة تدخلت لإسقاط بشار الأسد، وذلك في تصريحات باتت مكررة وكاشفة عن حقيقة معروفة للجميع، وهي الدعم الإيراني المباشر للنظام السوري في حربه ضد الشعب السوري.
وقال زاده: “إن الرئيس السوري بشار الأسد نجح في الانتصار على المعارضة المدعومة من الخارج، ولا يزال في السلطة؛ لأن إيران أرادت ذلك”. 86 دولة في العالم وقفت، وقالت: إنه يجب تغيير النظام في سوريا، وإن بشار الأسد يجب أن يرحل، ولكنها فشلت؛ لأن رأي إيران كان العكس، وانهزمت هذه الدول في نهاية المطاف”.
هذا الدعم ليس طارئًا أو مفاجئًا، بل بدأ وتطور على امتداد الأزمة السورية منذ اشتعالها في مارس من العام 2011 إلى يومنا هذا وفقًا لظروف ومعطيات القتال واحتياجات بشار ونظامه.
كان الدعم الإيراني يتجلى في الإمداد بالوسائل بالتكنولوجية، الأسلحة، الإمداد بمدربين عسكريين، تقديم المشورة والمعلومات السرية، ثم تطور إلى المشاركة الفعلية والميدانية بالقتال عبر قادة وقوات خاصة من الحرس الثوري الجمهوري الإيراني ضد الثوار السوريين.
وقد تواترت التصريحات الإيرانية الرسمية التي تعبر عن هذا الموقف ومنذ مراحل مبكرة للأزمة، ومنها قول محمد رضا رحيمي نائب الرئيس الإيراني في تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي خلال عام 2012 إن “الشعب الإيراني له موقف لا يقبل التغيير إزاء السوريين، وسيقف دائما إلى جوارهم” واتهم القوى الكبرى بالتوحد “لإلحاق الضرر بالأمة السورية”.
خلال العام نفسه، نشر معهد “المجلس الأطلسي” مقالا حول واقع العلاقات بين حكومتي إيران وروسيا مع الحكومة السورية تضمن الأسباب التي تجعل كلاً من طهران وموسكو تدافعان عن الحكومة السورية، حيث قال في جانب منه: هناك أسباب دينية وإستراتيجية للعلاقة التي تربط إيران البلد “الشيعي” بحكومة بشار الأسد ذات الصبغة العلوية، وكذلك فإن حزب الله في لبنان قد تكاتف مع هذه الحكومة في الدفاع عن كيانها.
وجاء في تقرير لوكالة مخابرات غربية :”إن اعتماد الأسد على حزب الله وإيران يتزايد، وأن وراء تحسن قدرات النظام القتالية يوجد دعم كبير من حزب الله وإيران وروسيا، في حين أن نقاط ضعف مقاتلي المعارضة تزداد وضوحا”.
إلا أن التصريحات الإيرانية الرسمية التي تتحدث عن دعم نظام بشار قد تكون مقصودة وليست تحت وطأة ضغوط أجبرت إيران على الاعتراف بها كما يتوهم البعض، فطهران تهدف من خلال هذه التصريحات وربما المبالغة فيها إلى تأكيد القوة الإيرانية وامتلاكها مفاتيح الأزمة وحلها، وأنه لولا ما تقوم به من جهود حربية ومخابراتية لما تمكن بشار من البقاء حيًا حتى الآن ولأسقط نظامه من زمن، وإذا أرادت واشنطن وأوروبا الحل، فإن عليها الرجوع والتفاوض مع طهران وتقديم التنازلات المتبادلة التي تضمن مصالح الجانبين.
قد يكون ذلك صحيحًا، ولكنه لا يعبر عن الحقيقة كلها، فصحيح أن دعم إيران لبشار كان سببًا رئيسًا في استمراره حتى الآن، إلا أن هناك عوامل أخرى كثيرة ولا تقل أهمية أبقت على هذا المجرم وساعدته في انتهاكاته وقمعه وإبادته للشعب السوري، ومن ذلك الموقف الروسي وتشرذم المعارضة المسلحة وتحولها إلى الاقتتال فيما بينها بعد أن نجحت مخابرات بشار وطهران بمساعدة بغداد في زرع فصائل محسوبة على المعارضة، لكنها تعمل لصالح النظام وضد المعارضة وعلى رأسها تنظيم “داعش “.
كذلك هناك ضعف موقف المجتمع الدولي وقناعته بدور المتفرج على الأزمة وفصولها، فاكتفى بإبداء الحزن والأسى على ما يقع من مآس وآلام للشعب السوري الأعزل دون أن يحرك ساكنًا، وأن ينهض فعليا لإنقاذه من معاناته.
معنى ذلك أن ضعف وتخاذل المجتمع الدولي له الفضل الأكبر في إطالة أمد نظام بشار، ولو توافرت لدى القوى الرئيسة وخاصة الدولة الأمريكية الرغبة الجادة في إسقاطه لتحقق لها ذلك، لكنها وجدت هي الأخرى مصالحها في بقاء هذا النظام، فتلاقت مصالحها مع المصلحة الإيرانية على الأرض السورية.
ربما تعمد إيران إلى الكشف عن قتلاها وضحاياها في سوريا أيضًا لإرسال رسالة لواشنطن والغرب بحجم التضحيات الكبيرة في سوريا، والتي تفرض على هذه الدول تقديم الثمن المعقول في حال أي مفاوضات بينهما وهو ما تحقق في الاتفاق النووي الأخير الذي توصلت إليه طهران ومجموعة خمسة زائد واحد في شهر نوفمبر الماضي، وهو أمر لم يكن ليتم لولا هذا الجهد الإيراني في الملعب السوري ونجاح طهران في استثمار هذا الجهد؛ لتحقيق مصالح مهمة تفوق كثيرًا ما تقدمه من دعم للنظام السوري.
خلاصة القول، إن سياسة التصريحات الإيرانية في الأزمة السورية نجحت في تحقيق مصالح الدولة الفارسية وساعدت في التوصل لاتفاق “مرض” في أكثر الملفات الإيرانية تعقيدًا، وهي البرنامج النووي، كما ساهمت بشكل أو بآخر في توتير العلاقات بين أميركا من جانب والدول الخليجية والعربية من جانب آخر، وجميعها نتائج تصب في صالح التفوق الإقليمي للجانب الإيراني.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية