العدد 2386
الإثنين 27 أبريل 2015
banner
عاصفة الحزم... وإن جنحوا للسلم فاجنح لها د.عمران الكبيسي
د.عمران الكبيسي
الإثنين 27 أبريل 2015

انتهت الجولة الأولى من عاصفة الحزم، وإن لم تنته العاصفة ولم ينته الحزم، انتهت الجولة الأولى على الأمل، وبقي الحزم على الحسم قائما كما عهدناه، (وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا) وهذا ما نريده ونتمناه، فرصة للأمل وبقاء اليد على الزناد، جولة أولى لجر أذن المتمردين الحوثيين، وقرص أذن الطامعين، لعل من كان له عقل يصحو ويثيب إلى رشده، ولعل الابن الضال يعود إلى جادة الصواب، ويقبل رأس أبيه ويستغفر الله. ففي عاصفة الحزم دروس وعبر كثيرة، ورسائل وصلت بوضوح وأدت غرضها، فالخليج حينما يتحد قادر على حماية مصالحه، وحين يضع يده بيد العرب والمسلمين قادر على التحدي من دون أن يتكئ على الشرق أو الغرب.
دول الخليج حين أقدمت على إطلاق عاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية أطلقتها على مبادئ ووفق قواعد وأصول لتحقيق أهداف إعادة الشرعية، ونزع السلاح من يد المليشيات وإعادته للجيش، وتحقيق التوازن المجتمعي فلا تبغي طائفة على أخرى، وصيانة الأمن الخليجي والقومي العربي من أي تدخل خارجي، السعودية ودول الخليج هي التي تجود بالمال دائما بلا منة وهي ليست بحاجة إلى المال لتطلبه في اليمن، ولا ينقصها وجه ونفوذ فهي قبلة المسلمين ورجال الأعمال، ولا تشكو ضيق الأرض لتبحث عنه في دول الجوار، ولا أطماع إقليمية للخليجيين، على العكس هم محط أنظار وأطماع الآخرين، وعاصفة الحزم ما انطلقت إلا لدفع الضرر ودائما للشقيق الأكبر أن يتحسب لمصلحة أشقائه فلا يسمح لأحد منهم أن يخرق الطوق، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، فالمصير المشترك قبل المصالح المشتركة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: “إن قومًا ركبوا في سفينة، فاقتسمُوا، فصارَ لكلِّ رجل ٍ منهم موضعٌ. فنقرَ رجلٌ منهم موضعَه بفأس، فقالوا له: ما تصنعُ؟! قالَ: هو مكاني أصنعُ فيه ما شئتُ. فإنْ تركوه هلكَ وهلكــُـوا، وإنْ أخذوا بيدِه نجا ونجوا” وبحمد الله وإذنه سننجو معا وسينجو اليمن ويتعافى.
لن نلتفت لما تنقله الأبواق المغرضة، نتائج عاصفة الحزم ايجابية بكل معنى واتجاه منذ اللحظة الأولى لانطلاقها، وما لم يتبلور من نتائجها اليوم سيتبلور، ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك بالأخبار من لم تزود، عاصفة الحزم بدءا قلمت أظافر الحوثيين ولم تسمح لهم بالتمدد والاستقواء وإملاء إرادتهم على الشعب اليمني بقوة السلاح وتركتهم يئنون ويلعقون جراحهم، ولم يعد يجدي تواطؤهم مع الغرباء الإيرانيين الذين دسوا أنوفهم بما لا شأن لهم به وفيه.
عاصفة الحزم رسالة تحذير لقوى باتت تستهين بالخليج وحدت تهورهم واستكبارهم بعد أن فاض الكيل بموبقاتهم، وقلمت رؤوس الأصابع التي كانت تتحرك في الخفاء وتعبث بمقدرات اليمن وغيره، ووضعتهم في مأزق حرج، تغير موقفهم من محرض وداعم للفوضى والتظاهر بالتحدي، إلى متباكين ويلوذون بهذا وذاك لإيقاف عاصفة الحزم وقد ردت كيدهم إلى نحورهم، وألقمت ناكر الجميل وناكث العهود والوعود الرئيس المخلوع صالح حجرا وخيبت أمله ومكره، فلم يرحم شعبه ويكف عدوانه والله لا يحب المعتدين، وفي الحديث الشريف “ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا فضله”.
الحوثيون طغوا وبغوا واتخذوا من أعداء العرب والإسلام أربابا من دون الله، ومنحوا أنفسهم حق التجاوز على معتقدات الغير، فجروا المساجد ومدارس القرآن الكريم، وأحلوا ما حرم الله من أموال من لم يعتنق ما يعتنقون من الكفر، سرقوا ونهبوا وأحرقوا، وقتلوا من لا يرضى بما يرتضون، وصار السكوت على ما فعلوا ويفعلون وهنا، (وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ)، فكانت عاصفة الحزم الطير الأبابيل التي تركتهم اليوم كعصف مأكول. وعلمت الناس أن المسلمين لا يثخنون في الأرض، ونسائم الأمل أطلقت من موقع القدرة والقوة خطوة نحو الاستقرار والأمن عسى أن يجنح الجانحون للسلام، وفرصة لتسليم أسلحتهم والركون إلى الحوار وعودة الحكم الشرعي للشعب وستأتي بإذن الله شاء من شاء وأبى من أبى (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ).

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية