العدد 2785
الإثنين 30 مايو 2016
banner
نـــدوة وثــلاث صدمــات أسامة مهران
أسامة مهران
الإثنين 30 مايو 2016

عندما قال الشاعر محمود درويش: إن الموتى أفلتوا من الحياة بأعجوبة، كان يقصد بكل تأكيد أن الموت أجمل من الحياة، وأن الرحيل أروع من البقاء.
رغم ذلك لم أكن أتخيل أن الدنيا قد تتحول فجأة إلى فخ لكل من الخلاص، وإلى مقلب كبير لكل من يبحث عن السعادة.
إن الصدمات الكهربائية مثلما تشفي المرضى من أمراض مستعصية، يمكنها أن تقتل لو أسيء استخدامها.
كل ذلك تعرفت عليه من خلال تجارب حياتية، وقراءات شعرية، وخرافات موحية في فناجين القهوة التركية.
لكن ما علاقة هذا كله بندوة أو ملتقى أو منتدى سمه ما شئت؟
العلاقة أن المناقشات كانت من طرف واحد، وأن المنتدين لم يستمعوا إلا لأنفسهم، خاصة أنهم انصرفوا من المكان بعد أن ألقوا بثلاث قنابل مدوية لها فعل الصدمات الكهربائية:
الأولى: ألقى بها مسؤول مهم في ديوان الخدمة المدنية، وهي تحمل رقما مستفزا مفاده أن 60 % من تكلفة أية دورة تدريبية أو أية بعثة دراسية لأي موظف حكومي يتحملها الديوان. الكلام واضح والنسبة المئوية محددة وقاطعة، لكن على ما يبدو أن ذلك المسؤول كان يتحدث عن دولة أخرى وربما عن موظف آخر.
الثانية: فجرها مسؤول كبير في وزارة العمل والتنمية الاجتماعية عندما أكد أن نصف الوظائف سوف تختفي بحلول العام 2020 إلى العام 2030، وأننا قد لا نعثر على موظف من البشر كي يقوم بالمهام التالية:
1. الصراف أو “الكاشير” أو مسؤول الخدمات المصرفية الشخصية.
2. موظفو الحجوزات في شركات الطيران ومكاتب السفر والسياحة.
3. البائعون في المحلات والمجمعات التجارية وربما في الأسواق الشعبية.
4. مهنة التمريض.
5. محصل فواتير الكهرباء والغاز و”الديلفري” وغيرها.
6. إنجاز مختلف المعاملات الحكومية من سجلات تجارية وشهادات منشأ وتراخيص للمشاريع الاستثمارية والموافقات البلدية وتجديد رخص القيادة ودفع الغرامات المرورية.
تطول القائمة أو تقصر لا يهم، المهم أن المسؤول لم يشر من قريب أو بعيد إلى حلول للبطالة القادمة أو مشاريع لمواجهة أمواج الشباب المرشح للانتظار على أرصفة الباحثين عن عمل.
ثالثا: تلقف رئيس جمعية الجودة كرة الثلج المشتعلة وبجودة فائقة، وإذا به يلقي إياها في وجوه الحاضرين قائلا: هذا مجرد تحذير فقط، تحذير لخريجي كليات الطب والهندسة والحقوق، هؤلاء الخريجون لن يجدوا أعمالا في المستقبل القريب، وعليهم أن يبحثوا لأنفسهم من الآن فصاعدا عن وظائف أخرى من دون أن يحددها صراحة، ترى ما هي الوظيفة الأخرى التي يمكن أن تناسب الطبيب، وما هو العمل الملائم للمهندس يا جماعة الخير، ناهيك عن مهنة القضاء والمحاماة والنيابة العامة... هل يمكن أن نرى اليوم الذي نسمع فيه عن قاض من خلف ستار، أو نائب عام إلكتروني، أو محام فقط عن طريق الإنترنت، ربما لكن الأكيد أن هناك خلطًا واضحًا بين الوظيفة والمهنة، بين من يمتلك المهارة والموهبة الفطرية، وهؤلاء الذين يتورطون في دراسات نظرية.
في النهاية حمدت الله وشكرت فضله على نعمة الصمت قبل أن يقع الرئيس التنفيذي لغرفة تجارة وصناعة البحرين، حيث كان هو الآخر متحدثا في لغم نصبه لنفسه عندما تحدث عن دعم الغرفة للمشاريع الابتكارية، من دون أن يوضح لنا ما إذا كان هذا الدعم يتم مباشرة بين بيت التجار و”أهل البيت”، أم أنه يمر عبر فاعل خير اسمه: تمكين، ولقبه: مندوب العناية الإلهية؟
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية