العدد 6031
السبت 19 أبريل 2025
الدراما المصرية ثورة تحت مشرط الجراح
السبت 22 مارس 2025

لم يكن المسكوت عنه سيظل مسكوتا عنه إلى الأبد ، فالذي لم يستوعب حرية التعبير ويعتقد بسذاجة أهل اللامنطق  واللاعلم أنها فوضى خلاقة ، أو أنها " خناقة يبدأ بها مسلسل ثم ينتهي بخناقة " ، لم يحالفه التوفيق هذه المرة ، فدراما الشهر الكريم لم تكن كريمة معنا ، ومسلسلات العنف والسباب وقلة الأدب لم تعبر في يوم من الأيام عن أخلاق شعبنا ولا عن أصالته عبر الحقب والعصور ، من كان يظن أن هذا الذي رأيناه وصم آذاننا وشوه مناظرنا وجعلنا أمة لا علاقة لها بأدب الحديث عند الاختلاف ، ولا بأخلاق الفرسان عندما ينشب الصراع ، ولا بالتي هي أحسن عندما تتضارب المصالح وتتفرق بنا السبل ، ظن مخرجًو ومؤلفو الأعمال الدرامية أنهم بثرواتهم سوف يمرروا الأعمال الدرامية مرور الكرام من تحت عين المسؤول عن رعيته ، وأنهم بجهل العشوائيات التي حاربها الرئيس بإخراجها من أعشاشها وإدخالها في زمرة المشاريع الحيوية الإسكانية الجديدة ظنوا بأنهم بعيدين عن أعين الرقيب تماما مثلما كانوا بعيدين كل البعد عن أعين ضمائرهم التي ماتت وعقولهم التي لم تميز ، وأخلاقهم التي لم تستيقظ. 

ظن صناع الدراما هذه السنة أن الألفاظ الجارحة واللغة الخاوية من المضمون ، سوف تجذب المشاهد ، وتسيل لعاب المنتج بنسب مشاهدات غير مسبوقة ، وإعلانات لم يسبق لها مثيل ، ولأن بعض الظن إثم فإن القائمين علي بعض الأعمال الدرامية المسفة كانوا يتوقعون جوائز وأوسمة ، شهادات تقدير ، وميداليات ذهبية ، و مكافآت عينية ونقدية وغيرها ، لم يتوقعوا تعليقا ناريا من رئيس الدولة حفظه الله على هبوط المستوي الدرامي في الشهر الفضيل وضرورة إعادة النظر فيما تقدمه للمشاهد من أعمال درامية ينبغي أن تحافظ علي عاداتنا وتقاليدنا ، وتعمل علي تعزيز ثوابتنا والحميد من أخلاقنا ، لم يتوقع تجار المسلسلات الهابطة أن يخرج رئيس الحكومة بنفسه ليعلنها مدوية علي الملأ بأن الوقت قد حان لتشكيل لجنة عليا مشتركة بين أجهزة الدولة ووزاراتها وهيئاتها المسئولة بالتعاون مع أجهزة الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب وكبار الأدباء والفنانين " المحترمين " وتحت المحترمين مائة خط بصياغة تصور وإطار جديد لا تخرج عنه الأعمال الدرامية التي صورت الإنسان المصري والسيدة المصرية العظيمة وهي تتلفظ بألفاظ لا تليق بتاريخها ، وأخلاقها وأمومتها وكفاحها إلى جانب الرجل ، فرضيت بامتهان وتسليع أدوارها ، وتلفظت بما لايليق بها وبمكانتها في المجتمع ، ولأن ليس كل ما يعرف يقال فإن الدراما قد ادخلت إلى بيوتنا العنف بين الأشقاء وكأنه دفاعا شرعيا عن النفس ، والثأر علي أنه قتل وحرق وسفكا للدماء ، وأصحاب الثروات إلى أنهم راقصات وتجار آثار ومخدرات وما خفي كان أعظم .                                       

لقد جاء قرار رئيس الحكومة دكتور مصطفى مدبولي بردا وسلاما على البيت المصري المحافظ والأسرة المصرية المكافحة والريف المصري العظيم.  
         
أخيرا سوف تسترد الفلاحة المصرية الصبورة حقها بعد زمن من التجاهل ، واخيرا سوف يعاد تصحيح صورتها من خادمة في قصر ثري إلى سيدة محترمة ، متعلمة ومعلمة لأبنائها ومنتجة في مجتمعها وزوجة صالحة في بيتها العامر دائما وابدا بإذن الله . 

وأخيرا سوف يعود للرجل المصري على الشاشة الفضية والمنصات الرقمية والقنوات الفضائية دوره كأب وعالم وأستاذ أكاديمي وأديب ومهندس وطبيب وعامل وفلاح فصيح ، واخيرا لن نخشى علي أجيالنا الطالعة من المقتحمين لحياتنا والمعتدين على خصوصيتنا والداخلين عنوة إلى بيوتنا من خلال نجم محبوب أو قصة مثيرة أو مسلسل جاذب للانتباه ليعلموا أبناءنا السب والقذف وارتكاب الحماقات وخيانة الأمانة وكراهية الآخر والقريب قبل البعيد واستحلال ماله وعياله وغيبته ، اخيرا سوف يعود إلينا محمد جلال عبد القوي ، وأسامة أنور عكاشة ، ونجيب محفوظ ، ويحيي حقي والمخرج محمد فاضل ، بأعمال تليق بشعبهم وتاريخ بلادهم وأصالة أمتهمً، ولن يكون غريبا أن نستخرج من بطن التراث العديد من أعمالهم التي لم يتم استخراجها في حياة الراحلين منهم وهؤلاء الذين مازالوا علي قيد الحياة ، حيث لن يكون بعد الآن غريبا أن يعود إلينا " مال وبنًون " آخر و" ساقية أخرى" وليالي حلمية لم يسبق لها مثيل ، و" العائلة " مثلما ينبعي أن تكون العائلة المصرية ، وبيار الملح ورأفت الهجان وهاري من الأيام والضحية وغيرها الكثير الكثير ، ومن يدري !

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .