العدد 5965
الأربعاء 12 فبراير 2025
معرض القاهرة الدولي للكتاب
الخميس 16 يناير 2025

رداً على "موضة" الحياة الافتراضية، تنطلق في الثالث والعشرين من يناير الجاري فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخته السادسة والخمسين، وفي عكس تيارات الحياة الرقمية الانعزالية، وتلك المحملة برياح التكنولوجيا الكاسحة، يثبت ذلك المعرض الدولي العربي، الذي بزغت شمسه منذ أكثر من نصف قرن، أن الكتاب الورقي ما زال على قيد الحياة، وأن رموز الكتابة المعرفية لم يكونوا في يوم من الأيام عبيداً للآلة، أو خداماً للانزواء، أو جيوشاً ظلامية تعمل في الخفاء.

أكثر من ١٣٥٤ دار نشر من ٨٠ دولة يشاركون بمئات الآلاف من الكتب والمطبوعات المتخصصة، والقواميس العلمية النادرة، بالإضافة إلى المكتبة الإلكترونية ومحركات البحث الرقمية. كل ذلك وأكثر سوف نعثر عليه في تلك النسخة من الحدث الثقافي الدولي الكبير تحت مظلة المعرض الدولي بأرض المعارض بمنطقة التجمع الخامس.

هذه التظاهرة الثقافية السنوية، التي تتواصل فعالياتها حتى الخامس من فبراير القادم، أي على مدى أسبوعين بالتمام والكمال، سوف تشهد فعاليات ومنتديات وندوات لكبار المفكرين العرب والأجانب، كما ستقوم دور النشر المختلفة بتدشين عشرات الكتب والمؤلفات القيمة، خاصة تلك التي تولتها بالرعاية والإصدار والترويج الثقافي والتجاري الأمثل. إلى جانب ذلك، ستُطلق المؤسسات والهيئات الثقافية المعتبرة جولات للترويج السياحي والتسوق التشويقي في أكبر المراكز والمجمعات التجارية في مصر والشرق الأوسط، مما يضع أرض الكنانة، رغم الظروف التي تمر بها المنطقة، على رأس مراكز الإشعاع الحضاري في المنطقة بأسرها، وربما على مستوى العالم أجمع.

لقد أثبت هذا المعرض حيويته المتراكمة، وأنه يستطيع العيش مئات المرات منتصراً على الدعوات الافتراضية السخيفة بضرورة أن تتحول مثل هذه المعارض إلى مجرد منصات إلكترونية ليس إلا. لكن القائمين على هذا المعرض العملاق أبوا إلا أن يضربوا القدوة والمثل، متمثلين في وزارة الثقافة والهيئة المصرية العامة للكتاب، والهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية، ودور النشر العملاقة، والمثقفين، والسياسيين، والاقتصاديين، والأكاديميين، والعلماء العمالقة. أبوا إلا أن يواصل هذا المعرض الثقافي التنويري العريق فعالياته، ليثبت مرة أخرى أنه بحجم التحدي، وأنه قادر على مواجهة التحدي، ومواكبة ثورة المعلوماتية والمعرفة الرقمية الكاسحة التي دخلت إلى بيوتنا وعقول شبابنا وأطفالنا من دون استئذان، لتفرض صورة نمطية جديدة للمثقف والمفكر والمواطن. هذا ما ظل مفكرونا وأولو الأمر منا يرفضونه صوناً لهويتنا الوطنية، وشخصيتنا العربية، وملامحنا الشرقية البحتة.

وأغلب الظن أن هذا الحدث الثقافي الكبير سوف يعلن، مثلما هي العادة، عن اكتشاف مواهب ونجوم جديدة في عالم الفن، والفن التشكيلي، والشعر، والقصة، والرواية، وفي العديد من مجالات العلوم والفنون الأخرى والآداب، مؤكداً حرص الدولة المصرية العظيمة بمختلف مؤسساتها وهيئاتها ووزاراتها على خلق مناخ وطني صالح للعيش والتميز والإبداع وسط هذا الكم الهائل من المتغيرات، والهجمات الخارجية المتربصة بنا، وتلك التي تتسلل بالأفكار الهدامة والدعوات الشاذة والغريبة على مجتمعنا العربي المسلم، وعلى بيوتنا التي تحملت الكثير من أجل المحافظة على تربية النشء وفقاً لعقائدنا الوطنية، ومشاعرنا العربية، وثوابتنا الإنسانية.

وكل عام ومعرضنا الدولي للكتاب بخير، وأمتنا العربية العريقة أكثر ازدهاراً ونماءً ووعياً واستقراراً.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية