العدد 5960
الجمعة 07 فبراير 2025
banner
خربشة ومغزى.. "الأنباط مملكة عرفها التاريخ ،، وآثارها ناطقة اليوم"
الأحد 22 ديسمبر 2024

الأنباط ذاع ذكرهم في التاريخ، تركوا لعصرنا آثار ناطقة، وهم قبائل عربية تقطن شمال جزيرة العرب منذ القرن السادس قبل الميلاد، ولهم تراث ومساكن شرقي الأردن. كانوا يطلقون على أنفسهم اسم (نبطو)، والغرباء يسمونهم أحياناً بنايوي باليونانية. مدينة البتراء (الرقيم)شرقي الأردن كانت مركز حضاري لهم، وتوسعوا شمالا نحو سوريا الحديثة، وغربا إلى فلسطين، وجنوبا إلى البحر الأحمر في شبه الجزيرة العربية.

دولتهم تأسست وازدهرت في القرن الأول قبل الميلاد وامتدت لتشمل المنطقة المحصورة بين نهر الفرات المتاخمة لبلاد الشام، وتنزل حتى تتصل بالبحر الأحمر، لتضم دمشق وسهل البقاع والأقسام الجنوبية والشرقية من فلسطين وحوران وأدوم ومدين وساحل البحر الأحمر، وقد وصلت مساكن بعضهم إلى النيل والمناطق الخصبة على البحر المتوسط.

الأنباط بالاصل كانوا أهل رعي وبداوة بعدها تحولوا إلى زراعة حيث بنوا مدن ومنها البتراء التي زهت القرن الرابع قبل الميلاد، وآثارها اليوم باقية جنوب غربي وادي موسى شرقي الأردن.

الأنباط نظامهم الاداري تضمن المزايا القبلية والرومانية ولهم خط يميزهم يسمى الخط النبطي كشفت ذلك النقوش التي كتبت بالخط النبطي المميز، وبالتحليل لهذه الخطوط

وجدت انها لغويا أقرب إلى الآرامية القديمة. اللغة الآرامية آنذاك كانت لغة التجارة والمكاتبات الرسمية، ولهذا الأنباط استعملوها.

الأنباط تمكنوا من طرق القوافل التجارية العالمية آنذاك، وأهمها كان طريق اليمن الموازي للبحر الاحمر، ومنه يتفرع طريق إلى مصر والشام وغزة والمدن الفينيقية على البحر المتوسط، وكان لهم أيضا طريق يربط البتراء بالخليج العربي، ومنه بحرا إلى الهند أو برا إلى إيران، وهذه الطرق تنقل البضائع ومنها البخور والعطور واللبان والمر اليمني والحرير إلى الشام ومصر.

يُذكر أن الحرير آنذاك كان يأتي من الصين، والحناء من عسقلان، والزجاج وصبغ الأرجوان من صيدا وصور،

واللؤلؤ من الخليج العربي، والخزف من روما. وكان الأنباط يصدروا من الأرض التي يحكموها الذهب والفضة وزيت السمسم. أما القار فكانوا يأخذونه من البحر الميت إذ يستورده منهم المصريون لأغراض التحنيط.  

أما علاقة الأنباط بالعرب فلا بد من ذكر؛أن مصطلح العرب من الصعب تحديده في النصوص القديمة قبل الفترة الإسلامية، ويبدو أنه مصطلح أُستخدم من قبل الآشوريين والبابليين، ويألف الكتاب المقدس ذكره كمصطلح عام للإشارة للشعوب البدوية التي سكنت الصحراء إبتداء من القرن التاسع قبل الميلاد.

هناك العديد من الأدلة التاريخية عن وجود العرب في منطقة الأنباط تعود إلى القرن الثامن قبل الميلاد، كما أن الوجود العربي يؤكده أسماء ملوك الأنباط مثل اسم الحارث ومالك وعباده، وهنالك أسماء أخرى يستخدمها الأنباط مثل تيم الله وجذيمة ومليكة ومغيرة وعائذ وغيرها. النقوش السومرية وبعض نصوص الكتاب المقدس، وكذلك المصادر اليونانية أكدت وجود هؤلاء العرب قبل الإسلام في ديار الأنباط، وكانت اللغات أو اللهجات المستخدمة من قبلهم نوعين أَمّا الثمودية أو اللحيانية

أو الصفوية والسبئية والحميرية، وهذه اللهجات كلها تُنسب إلى الحضارة العربية الجنوبية. أو الآرامية والنبطية والتدمرية والسيريانية والفينيقية(الكنعانية) والعبرية، وهذه تُنسب أنها لغات جزرية أي جزيرة العرب. وكلا النوعين من اللهجات الجنوبية والشمالية من الجزيرة العربية تم معرفته من الآثار. لذا العربية كانت عند النبط، وفي كل الأحوال تطورت العربية وتداخلت تدريجياً كلغة يومية مع الآرامية خلال القرون الأولى للفترة النصرانية، وتعزز هذا الاعتبار كما هو واضح في النقوش النبطية العربية. 

لذا الأنباط أقرب في الأصل إلى العرب منه إلى الآراميين، وفي الحقيقة فأن الأدلة اللغوية للتأثير العربي على النبطية الآرامية يشير إلى أن الأنباط قد تحدثوا العربيه، وإن خطهم الآرامي المشتق من الفينيقي(الكنعاني)بعد تطويره وتحويره أصبح خطا قائما بذاته ويعتبر الجذر الأساس للخط العربي الكوفي. أما عبادتهم فقد كان للأنباط آلهة متعددة، كاللات وهبل والعزى وأشهرها شرى حتى ظهور الإسلام. يُذكر أن عمرو بن لحي هو الذي أدخل عبادة الأصنام إلى مكة ويُنسب للأنباط.

هنالك آثار نبطية تعود للقرن الأول قبل الميلاد في منطقة الحجر وهي على ضفاف وادي العُلا(القُرى)، وهي بلدة في شمال الحجاز فيها آثار ونقوش بكتابات تذكاريه ودينية وملكية فيها احتراف فني لبيوت وقصور وقبور منحوتة في الصخر، ومخازن مياه في الصخر، وجبال وحدها بارزة كأنها مغروسة في الأرض. والحجر تُعد مدينة نبطية بعد البتراء في الاردن.

مملكة الأنباط بقيت حتى أستولى عليها الرومان عام 106م، تركت خلفها آثار طرازها حضاري مميز أخذ بعضه نكهة يونانية. وهي الآن جاذبة للسياحة العالمية.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية