العدد 5834
الجمعة 04 أكتوبر 2024
banner
الموهوبون ذوو تشتت الانتباه والحركة الزائدة (1-3)
الخميس 24 نوفمبر 2022

يُعدُّ تشتُّت الانتباه المصحوب بالنشاط الحركي الزائد كما ذكر القريطي (2005) منْ أهمّ أشكال الاضطراب، ويوجد تداخل ملحوظ بين بعض المظاهر والخصائص المُميَّزة لهذين الاضطرابين، وبعض الخصائص السلوكية المُميَّزة لدى الموهوبين. ومنْ مظاهر هذا النوع كما ورد عن الرابطة الأمريكية للطب النفسي (1994) بأنَّه غالباً ما يفشل في إبداء الانتباه اللازم للتفاصيل، ويرتكِب أخطاء ساذجة في بعض الأعمال والواجبات المدرسية، أو الأنشطة التعليمية والاجتماعية الأخرى التي يُمارسها، ويبدو وكأنّه غير مهتم أو منتبه لما يُقال له عندما تتحدَّثُ إليه مباشرة، وغالباً ما يجدُ صعوبة في تركيز انتباهه، والاحتفاظ به لفترة طويلة على المهام التي يؤدِّيها أو في أنشطة اللعب، ويتجنَّب ما يجد صعوبة في تنظيم المهام المكلَّف بها والأنشطة التي يؤدِّيها، ويتجنّب ويكره أو يقاوم المُشاركة والانهماك في المهام التي تتطلّب مجهوداً عقلياً مستمرّاً، وغالباً ما يتململ أو يُكثر منْ حركة يديه أو قدميه ويخبط بهما، أو يتلوّى أثناء جلوسه على مقعده، ولا يستقر في مقعده داخل الفصل، وأثناء المواقف الأخرى التي نتوقّع منه أنْ يظل جالساً، وغالباً ما يجدُ صعوبة في ممارسة اللعب منْ دون إزعاج، أو الاستغراق في أنشطة أوقات الفراغ بهدوء أو منْ دون ضوضاء، وغالبًا ما يتسرّع منْ دون تفكير في الإجابة عنِ الأسئلة أو الاستفسارات قبل إكمال طرحها عليه، ويصعُب عليه الانتظار حتى يأتي دوره في اللعب أو أثناء المواقف الاجتماعية، وغالباً ما يُقاطع الآخرين أثناء الكلام ويتطفَّل عليهم.

ولتربية هذه الفئة تربية واعية، لابدَّ منْ فهم طبيعة تشتُّت الانتباه والانتباه المصحوب بالحركة الزائدة، وامتلاك المهارات اللازمة للتعامل معها، ودرجة من التحمُّل والصبر.

ويُعاني الموهوبون من هذا الاضطراب مثلهم مثل الطلبة العاديين، إذ إنَّ هناك عددًا منهم على اختلاف مجالات الموهبة لديهم يعانون من مشكلة تشتت الانتباه والحركة الزائدة، حيث تقدّر نسبتهم 12-15% من مجموع الموهوبين، وقد تمتد الأعراض لديهم إلى الفترات العُمرية اللاحقة. بما ينعكس سلبًا على أدائهم الأكاديمي، وفي بروز مواهبهم واستثمارها بالشكلِ الأمثل.

والمُلاحظ خلال عملية الكشف (المسح السريع) والتعرُّف (التشخيص الدقيق) إلى الموهوبين مظاهر الاضطراب (-) منْ دون الاهتمام بمظاهر الموهبة (+)، أو إغفالها عندما تكون موجودة أنَّ الموهوبين غالباً ما يتم تشخيصهم بشكلٍ خاطئ على أنَّهُم يُعانون تشتُّت الانتباه، وبالتالي نقع في فخ (الرفض الزائف) بأنْ نستبعدهُم وهم أحقّ بدخول برامج الموهوبين.

وعادة ما يكون مثل هؤلاء منخفضي التحصيل فيما يتعلَّق بالأداء المدرسي، ولكنهم مع ذلك يُعدُّون أكثر ذكاءً منْ أولئك الطلبة العاديين الذين لا يُعانون منْ تشتُّت الانتباه المصحوب بالنشاط الحركي المُفرط. 
ويضيف (Mendaglio, 1995) إلى أنَّ مستوى ذكاء هؤلاء يجعلهم يشعرون بالاختلاف عنْ أقرانهم، ولكنهم مع ذلك قادرين على القيام بتغيير سلوكياتهم غير الملائمة بإرادتهم، كما أنَّهم في ذات الوقت يُدركون ما يُعانونه منْ قصورٍ أكاديمي، الأمر الذي قدْ يُسبب لهم غضباً كبيراً واستياءً شديداً. أما حينما يتمّ التعامل معهم كموهوبين ويتم تسكينهم منْ جانبٍ آخر في برامج رعاية الموهوبين فإنَّ ذلك قد يؤدي بهم إلى تكوين اتجاهات إيجابية نحو أنفسهم ونحو الآخرين، ويزيد كذلك منْ تقديرهم لذواتهم.

ويُضيف (Zentall, 1997) بأنَّهم قد يُبدون اهتماماً واضحاً بمنهج العلوم بينما تقل مهاراتهم الاجتماعية بشكلٍ مُلفت؛ نتيجةً لما يُعانونه منْ مشاعرَ انفعالية سلبية إلى جانب أنَّ مستوى نموهم الاجتماعي يقل عنْ مستوى نموهم العقلي.

وتشير (Lovecky, 1999) إلى أنَّ الموهوبين ذوي تشتُّت الانتباه والحركة الزائدة يختلفون عن أقرانهم غير الموهوبين ذوي تشتُّت الانتباه والحركة الزائدة في الجوانب المعرفية والاجتماعية والانفعالية، حيثُ يوضح أداء الموهوبين ذوي تشتُّت الانتباه والحركة الزائدة على اختبارات الذكاء واختبارات التحصيل أنَّهُم ينسون الكثير منَ العبارات السهلة في الوقت الذي يجيبون فيه بطريقةٍ صحيحة على العديد منَ العبارات الصعبة، وعادةً ما يتراوح أداؤهم على تلك الاختبارات بين المتوسط والمُرتفع جداً.

ومنْ هذا المنطلق يذكر عادل عبدالله (2005) بأنَّه عادة ما نجدُ بأنَّ المعلمين يميلون إلى عدم الرضا عنِ التعامل مع هذه الفئة، ويرون بأنَّهم يستحقون بأنْ ينتظموا في تلك البرامج التي يتمّ إعدادها خصيصاً للموهوبين، كما أنَّ الوالديْن يجدان بأنَّه منَ الصَّعبِ التعامل أو العيش معهم، أما الأقران فإنَّهم عادةً ما يرفضونهم. وبالتالي يجدُ هؤلاء الموهوبون بأنَّ الحياة بالنسبة لهم لا تُمثِّل سوى سلسلة منَ التفاعلات السلبية؛ إذ لا تتوافر لهم على أثر ذلك إلا فرص ضئيلة لتحقيق الإنجاز وإشباع الذات.

 

مفهوم تشتُّت الانتباه والحركة الزائدة
منْ يجمعُ مزيج من سلوكيّات (عدم الانتباه، الحركة المفرطة، والاندفاعية) بدرجة تجعلهم غير قادرٍين الاستفادة من المهام الدراسيّة كغيرِهم من الطلبة الأسوياء، الأمر الذي يؤثِّر على أدائهم الأكاديمي، ويجعلهم يعانون من صعوبات نمائية و/أو تعليمية.  

 

مفهوم الموهبة مع تشتُّت الانتباه والحركة الزائدة
من يمتلكُ قدرات عقلية وإمكانات بارزة في مجال أو أكثر مِمَّنْ يُقدِّرُه المجتمع، وفي الوقت نفسِه يعاني من النشاط الزائد والحركة المفرطة غير الهادفة وتشتُّت الانتباه وضعفهُ مما قد يؤثِّر على أدائهم الأكاديمي، وعلى عملياتهم المعرفية، وعلى معالجتهم للمعلومات.
الفرق بين الموهوبين ذوي تشتت الانتباه والحركة الزائدة وغير الموهوبين من نفس الفئة
وتشير (Lovecky and Silverman, 1998) بوجود فروق واضحة بين الموهوبين ذوي تشتُّت الانتباه وغير المُشتَّتي الانتباه في بعض جوانب القصور المعرفية والاجتماعية والانفعالية.

 القصور المعرفي، ويتمثَّلُ فيما يلي:
1. انخفاض قدرتهم على التفكير المُتسلسل.
2. انخفاض قدرتهم على التذكر بشكلٍ منتظم.
3. صعوبة في حلِّ المشكلات باستخدام علاقة الجزء بالكلِّ.
4. صعوبة العمل في جماعة.
5. إنهاء قدر أقل منَ المهام والتكليفات التي يتم تكليفهم بها.
6. صعوبة في استخدام التفكير الاستنباطي.
7. الانتقال منْ موضوع إلى آخر منْ دون التركيز في أي منهما. 

 

القصور الاجتماعي والانفعالي، ويتمثَّلُ فيما يلي:
1. صعوبة الاحتفاظ بالأصدقاء أو إقامة علاقات ناجحة مع الآخرين.
2. انخفاض القدرة على التنبؤ بالأسباب والنتائج في العديد منَ المواقف السلوكية المتنوِّعة.
أنماط الموهوبين ذوي تشتت الانتباه والحركة الزائدة
ولمزيدٍ منَ العرض نتناول ثلاثة أنماط منْ هذا الاضطراب مبيِّنين بعض مظاهر كلّ نمط على حدة، وهي على النحو الآتي:
1. نمط نقص الانتباه Inattention، ومنْ مظاهره:
• يفشلون في إبداء الانتباه اللازم للتفصيلات، أو يرتكبون أخطاءً ساذجة في الأعمال والتكليفات المنزلية أو الأنشطة الأخرى التي يُمارسونها.
• يجدُون صعوبةً في تركيز انتباههم، والاحتفاظ به لفترة طويلةٍ على المهام التي يؤدُّنها أو أنشطة اللعب.
• يبدو وكأنَّهم منصتين أو منتبهين لما يُقال لهم عندما نتحدث إليهم مُباشرةً.
• لا يتَّبِعون التعليمات الموجهة إليهم منْ قِبل الآخرين.
2. نمط النشاط الحركي الزائد Hyperactivity، ومنْ مظاهره:
• يتململون أو يُكثرون منْ حركةِ أيديهم أو أقدامهم ويخبطون بهما.
• لا يستقرّون في مقاعدهم داخل غرفة الصف.
• يجرون في المكان، أو يتسلَّقون الأماكن بإفراطٍ في مواقف لا تُعتبرُ مُناسبة.
• يجدُون صعوبةً في ممارسة اللعب منْ دون إزعاج، أو الاستغراق في أنشطة وقت الفراغ بهدوءٍ، أو منْ دون ضوضاء.
3. نمط الاندفاعية Impulsivity، ومنْ مظاهره:
• يتسرَّعون منْ دون تفكير في الإجابة عنِ الأسئلة أو الاستفسارات قبل اكتمال طرحها عليهم.
• يصعُبُ عليهم الانتظار حتى يأتي دورهُم في اللعب أو أثناء المواقف الاجتماعية.
• يُقاطعون الآخرين أثناء الكلام ويتطفَّلُون عليهم.

 

فئات الموهوبين ذوي تشتت الانتباه والحركة الزائدة
يُصنِّف(Flint, 2001)  الموهوبين ذوي تشتُّتِ الانتباه والحركة الزائدة إلى خمسةِ مجالاتٍ منْ حيثُ السلوك، وهم:
أولاً: الحسحركي، سهولة اكتشاف الذين لديهم هذه السرعة الفائقة، إذ يتسمون بحبهم للحركة واندفاعهم نحوها، والطاقة الزائدة، ومستوى النشاط المُرتفع منْ جانبهم، وعدم ميلهم للراحة.
ثانياً: الانفعالي، يتسمون بشدة المشاعر، وبقدرة فائقة على التعاطف مع الآخرين والتعبير الجسمي عنِ المشاعر، وبقدرتهم على رؤية كلّ جوانب الموقف، وصعوبة تكوين أصدقاء جُدُد، كما أنَّهم يبكون مع أيَّةِ حالة إحباط مهما كانت بسيطة.
 ثالثاً: العقلي، لا يبدو أنَّ ما يتمّ تعلّمه يُمثِّل أهمية بالنسبة لهم، مهما كان جيداً أو شيقاً، ولكنْ مع ذلك يميلون إلى التفكير والتساؤل والتحاوُر بدلاً منَ الحصول على الإجابةِ جاهزةً، كما يبدون قدراً مُناسباً منَ التركيز، ويهتمون بالتفصيلات.
 رابعاً: الخيالي، يتسمون بالقدرة على الانغماس في التصوُّر العقلي التفصيلي، والبشاشة، والتفكير الخُرافي، ويبدو عليهم الجانب الخيالي الخصب، وكأنَّهُ قصور في الانتباه منْ جانبهم.
 خامساً: الحسِّي، يتسمون بالحساسية المُتطرفة للمس، ويشعرون بالسرور عند رؤية الأشياء الجميلة أو البهية أو مُعايشتها.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية