العدد 5670
الثلاثاء 23 أبريل 2024
banner
د. عدنان محمد القاضي
د. عدنان محمد القاضي
الموهوبونَ وفضاءاتُ الإِجازةِ الصَّيفيّةِ
الخميس 26 مايو 2022

بدأَ المجتمعُ بأسرِه مع انحِسار جائحة كورونا والتعافي البطيء من أضرارها المختلفة حراكًا إيجابيًّا نحو الاهتمامِ بشتّى جوانب الحياة مرَّةً، ومنها طرح برامجِه الصيفيّة المتنوِّعة والتي تستهدف بالدرجة الأساس من لديهم مواهب فتيّة مُحددة؛ وقدرات فائقة مُعيّنة تتجاوز ما نعتبِرُهُ تفوقًا أكاديميًّا. مِما تَحتَّمَ المُنادَاة والبحث الدقيق عن البرامج النوعيّة والفعاليّات الجَادَّة المُنسَجِمة مع استعدادات الموهوبين وإمكاناتهم، والدعم والتأييد لكلِّ الخِدمات المطروحةِ لهم من مسؤولية الأسر وأنفسِهِم.
ونظرًا لدخولِ الإجازة الصيفيّة حيِّز الاستثمار، وإطلالتها علينا بأنفسِ الأوقات، بما تحمِله منْ فرصٍ غنيّة تتطلَّبُ حُسن الاستغلال وحذاقة الترتيب والإعداد الجيِّدِ لها، وخُطوات المجتمع بمؤسساته ذات العلاقة المُباشِرة وغير المُباشِرة بالبرامج والفعاليات الموجَّهة للموهوبين والتي تدعو للتوسُّع والاستيعاب المُبَرمج لهذه الفئة الواعدةِ من دونِ تفضيل مجال على آخر.
إنِّ الموهوبينَ في فترةِ الصَّيفِ أحرص منْ غيرهم على استنفاد الطاقةِ والوُسْع لصقلِ ما لديهم من تفوِّقٍ وبُرُوز، ولزيادة ما يمتلكونه من معارف وعلوم، ولتمرُّس ما يستطيعونه من مهارات وأداءات، ولإنتاجِ ما يجيدونه من تَجلِّيات وإبداعات، إذ سيتفرَّغون لمُمارسة تلك الموهبة في الوطن أو خارجِه سواءٌ بالحضور الفعلي أو التَّواصُل الإِفتراضي، بعيدًا مُشاغبات المَواد الدراسيّة التي لطالَما زاحمتْ أوقات انشغالهم بِتلك المَوهبة.
كما أنَّهم يحبُّون أنْ يُضيفوا إلى رصيد تجاربهم بدافعٍ ذاتي المَصْدَر، وهذا الحبّ لا يتوقَّف عند فترةِ الإجازة الصيفيّة كما يحلو للبعضِ أنْ يقول، بل يتعدَّاه بحيث يصلُ نهاره بليلهِ وبمنتَهى الالتزام والمثابَرة والشَّغف، متمنِّيًا حِكمة التوجِيه وجِدَةِ المواقف المُتَعرَّض لها.
ولحُسنِ الحَظ، وبنفسِ الاهتمام والحرص يبحثُ بعضُ أسرِ الموهوبينَ عنْ برامجَ وفعاليات تروقُ لأطفالهم، وتخدمُ بشكلٍ وثيقٍ موهبتهم، بِغضِّ النَّظر عمّا قد يتكبَّدوهُ منْ مَشقّة التَّوصيل، وعمّا قد يتَحمَّلوهُ مِنْ ثقلِ التَّكلفة المالية.
والسؤال الرئيس المطروح للمناقشة، لماذا نرسِلُ الموهوبينَ إلى البرامجَ والفعاليات الصفيّة؟ ونقول بإيجاز نستطيع أنْ تحقيق جملة منَ الأهدافِ في إدماجِ الموهوبين في برامج وفعاليات صيفيّة، ومنها إيجاد:
• تحديات عقلية وذهنية رفيعة المستوى.
• فرص للعلاقات الاجتماعية معَ الأقرانِ منْ نفس القدرات والإمكانات.
• ظروف لتربيةِ ودعم الاهتمامات والميول المهنيّة المستقبليّة.
• مواقف لاكتِشاف مجالات موهبة أخرى، وتطوير اتّجاهات ومسارات جديدة.
• تعريف للمُبدعين الكِبار الذين قدَّموا للمجتمعِ عُصارةَ أفكارهم، وثمار قلوبهم، وأنجع تجاربهم للموهوبين الواعدين.
• اهتمام إعلامي يُبْرِزُ تلك المواهب، ويُحفِّز على إظهار الطاقات الكامنةِ غير المُستثمرة.
وعليهِ، ندعو المؤسسات التعليميّة الحكوميّة والأندية العلميّة الأهليّة والمراكز الحرفيّة الشبابيّة المُساهمة بإيجاد فرص متنوِّعة وعميقة لاحتضان الموهوبين بمضمونٍ ومحتوى يبعث على تحدِّي الملكات للانطلاق، وإثارة العواطف للاندفاع، وإضافة المعارف للعَطاء، والابتعاد عمّا يُمكنُ أنْ يُسمَّى ببرامج (إِشْغال مُلهية)، وأنْ تكون بحق برامج (رِعاية مُرَبِّية)، وبناؤها وفق أسس ونماذج عالمية أثبتت الدراسات الأكاديمية والممارسات الميدانية جدواها وفعاليتها.
كما ويجدُرُ بالمؤسسات التجارية والشركات الكبرى دعمَ هذه البرامج والفعاليات ليس لذاتها، بل لمن يستفيدَ منها وهم الموهوبون فلذات الأكباد وشموع المستقبل.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .