+A
A-

وعود التطوير “ذر للملح في العيون”... والأعذار غير مقبولة

بين من فقد الأمل في أن تطال يد التطوير وتلبية الاحتياجات الخدمية التي طال أمد انتظارها منذ سنين لقريتي الدير وسماهيج، وبين من يتأمل خيرًا في أن تشهد القريتان “ديناميكية حقيقية” تثمر عن تحول ملموس على أرض الواقع لإنهاء معاناة الأهالي، دونت “البلاد” في زيارتها لمجلس عضو مجلس المحرق البلدي ممثل الدائرة السادسة فاضل عباس العود وبحضور ممثل الدائرة الخامسة صالح بوهزاع وعدد من شخصيات وأهالي وشباب القريتين، ما دار من أحاديث تطرقت إلى أهم الاحتياجات، إلا أن المطلب الرئيس كخلاصة هو إجماع الأهالي على مناشدة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، لإدراج القريتين ضمن مشروع تنمية المدن والقرى، فتلك الخطوة كما يرون، هي أولى خطوات مشوار إنهاء الإهمال للقريتين.. وفيما يلي ما دار في لقاء الأهالي:

فاجأ المسؤولين

يمسك عضو المجلس البلدي فاضل العود خيط الحديث في بداية اللقاء فيشير إلى أن مجلس بلدي المحرق يتكون ٨ دوائر ونحن نمثل الدائرة السادسة التي تشمل الدير وسماهيج وتضم ٧ مجمعات، وكما يعلم الجميع فإن ممثل الدائرة ينقل طلبات واقتراحات التطوير وتنمية المجتمع وآراء الأهالي إلى المجلس البلدي الذي يقدم توصياته، وفي عمل مواز، وخلال هذه الدورة ومنذ بدء العمل كممثل للأهالي في المجلس، اهتممنا بتطوير العمل الإعلامي، وكثفنا مضامين الإعلام لدرجة أن مجلس بلدي المحرق أصبح هو الأكثر حضورًا في الإعلام، وهذه الآلية الإعلامية هي واحدة من أدوات الضغط ورسمناها كثمانية أعضاء بقيادة رئيس المجلس غازي المرباطي، وكلنا نؤمن بأن الرسالة الإعلامية تؤتي ثمارها ولو بشكل جزئي.

في الدائرة السادسة، وهذا ما قاله عدد من المسؤولين الذين زاروا الدائرة بأنهم تفاجأوا من حجم الإهمال! وخلال زيارتين لوزير الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني عصام خلف، شاهد الوزير مستوى الإهمال في القريتين، وهما مستثنيتان أساسًا من مشروع تنمية المدن والقرى، ولو نقيس وضع الدائرة ونقارنها بالدوائر المحيطة بها أو في دوائر المحرق عمومًا، سنجد أن وضع الدائرة سيئ للغاية بالفعل، ولنتساءل “ما طلبات الأهالي في الدائرة؟ لنقول إنها تدور حول ردم حفرة، أو إزالة تجمع مياه، فيما الأعضاء الزملاء في الدوائر الأخرى قطعوا شوطًا طويلًا. فعراد على سبيل المثال أصبحت اليوم بمواصفات مدينة والحد سبقتها وتم إعلانها كمدينة، بتوافر مجمعات وحدائق وملاعب وصالات متعددة الاستخدامات، فيما الدير وسماهيج لا حظ لهما!

كوكب آخر

يستدرك العود ليقول “وربما تفاجأ المسؤولون بوزارة الأشغال الآن بالضغط الإعلامي الذي انتهجه المجلس، وهذا الضغط يتبعه توصيات بشأن احتياجات الدير وسماهيج، وهذه العملية حركت الوزارة بشكل محدود مع تقديرنا وشكرنا لسعادة الوزير، ولكن هناك استجابة دون شك، على سبيل المثال، مشروع حديقة عين ريا رصدت له الميزانية بعد إرساء المناقصة، وكذلك لدينا مواقف مجمع 231 التي يسميها الأهالي مواقف مأتم الإمام علي، وما أريد قوله إن الدير وسماهيج حالها مختلف عن جميع الدوائر المحيطة بها، فلو تخرج من البسيتين وتدخل الدير تشعر بأنك في كوكب آخر، وهناك في الدوائر الجارة، الزملاء يتكلمون عن الملاعب الذكية وحدائق للمعاوقين وحدائق معلقة فوق البنايات، ووصلوا إلى مرحلة متقدمة في العمل البلدي، وباعتباري ممثلا للدائرة، للحد الآن، أطالب بردم حفرة أو رصف طريق، فالطلبات متفاوتة بيننا وبينهم.

الفارق كبير

وفيما يتعلق بمدى نجاح آلية العمل بالتعاون مع الجهاز التنفيذي ببلدية المحرق، يصرح العود بأن هناك توصيات ترفع لوزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني، أما الجهاز التنفيذي ببلدية المحرق ومديرها العام إبراهيم يوسف الجودر تقدم كل التعاون والاستجابة، فوضع النظافة في الدير وسماهيج جيدًا جدًا إن لم يكن ممتازًا، وحتى استعدادات موسم الأمطار، هم يعملون وفق الإمكانات المتوافرة، ونحن نعلم أن صهاريج الشفط ليست حلًا، والحل هو إنشاء مصارف للأمطار تكلف ملايين ولدينا المخطط لهذه الشبكة، ونحن بالمجلس البلدي في تعاون تام مع بلدية المحرق كما نتعاون مع الإخوة النواب من أجل المصلحة للمواطن، ونحن نضع في الاعتبار موضوع الموازنات المالية والتعطيل وطبيعة العمل الحكومي الروتيني وصعوبته وتراخيصه، إلا أن الفارق واضح بالنسبة لخدمات الدير وسماهيج وتردي وضعها عن الدوائر الأخرى.

خذ على سبيل المثال، مشروع حديقة عين ريا، فقد تحرك المجلس وأجرى اتصالاته على أعلى مستوى لإعادة الميزانية للمشروع ومنع أي تحويل لمشاريع أخرى، وهذا العمل يحسب للمجلس فالأرض موجودة، لكن موازنة المشروع البالغ 135 ألف دينار وما تشهده البلد من حالة تقشف، يجعلنا نحرص على هذه الميزانية، ثم مشروع مواقف مأتم الإمام علي يسير بشكل جيد بتخصيص الأرض، وكذلك حديقة الدير الغربية لها ميزانية وسيبدأ العمل بها قريبًا، أما حديقة الحساوي فقد تواصلنا مع الشركة التي دفنت البحر لإحياء هذه الحديقة، وهناك مجموعة من الخدمات في الدير وسماهيج بانتظار الميزانية، لكن أشدد على أن مشكلتنا الأساسية هي نتاج استثناء الدير وسماهيج من مشروع تنمية المدن والقرى.

القطط تبعثر القمامة

ينتقل الحديث إلى الأهالي، فيقول عبدالله الزين “بالنسبة للطرق والمجاري والأمطار، وبالذات في مجمع 231 الذي يعاني من أوضاع مزرية فلابد من وجود خطة حقيقية، ثم هناك حاجة للإنارة في طرقات القرية، أضف إلى ذلك عدم وجود حاويات القمامة الكافية، إذ يعاني المجمع من تكدس القمامة وتقوم القطط بتمزيقها وبعثرتها، وبالمناسبة، رأيت قبل بعض المهندسين يزورون المجمع منذ أسبوع وسألت أحدهم فقال إنهم يخططون لموسم الأمطار، ونأمل خيرا من هذا التحرك.

ذر الرماد

عبدالحميد الشيخ “كان هناك توجيهات من قبل مجلس الوزراء لدراسة احتياجات الدير وسماهيج وعلى إثرها تمت زيارة الدير وسماهيج من جانب بعض المسؤولين، لكنني أشعر أن هناك توجها لعدم تنفيذ أي شيء للدير وسماهيج وكأن الزيارات لذر الرماد في العيون فقط، وقد نقبل بالقول إن بعض المشاريع تحتاج إلى موازنات ضخمة وإعداد ورسومات، لكننا نحتاج لخدمات لا تحتاج لميزانيات كتنظيم مداخل طرقات القرية المتفرع من الشارع الرئيس ذي المسارين، خذ أيضًا مشروع رصف طرقات مجمع 231 الذي بدأ ولم يكتمل.. توقف المشروع بحجة عدم وجود الميزانية، كيف ذلك؟ اختفى العمل بعد أن تم البدء ويأتي العذر بعدم وجود ميزانية؟ واقترحنا على المسؤولين بعض الأفكار والحلول البسيطة، خذ مثلًا شارع المقبرة وما يشهده من حوادث فلا نريد إلا تسوية الأرض بالقرب من المقبرة للدخول والخروج وهذا العمل يتم خلال أسبوع واحد، فحتى الخدمات البسيطة لا يتم تنفيذها لنا، فما بالك بالمشاريع الكبيرة التي تتطلب ميزانيات ضخمة.

مرشدون للتنين

عبدالله الوردي “طرأت مشكلة بالنسبة لزوار مدينة التنين، فهناك أعداد كبيرة من الزوار الذين يدخلون القرية وتكون مهمتنا هي إرشادهم إلى هناك، وقد أبلغنا العضو فاضل العود مشكورًا بأن هناك خطة لوضع لافتات إرشادية لكن المشكلة أزعجت الأهالي لاسيما في الممرات داخل القرية حيث هذه الحركة تستمر حتى منتصف الليل في العطل خصوصًا، من جهة أخرى، ليس لدى الأطفال والشباب مكان للعب كرة القدم، فلا يوجد ساحات لعب شعبية ونحن لا نتحدث عن حديقة كبيرة أو ناد، حيث نرى الشباب والأطفال يبحثون عن أي قطعة أرض ليمارسوا فيها لعبهم ورياضتهم..، (مداخلة عضو المجلس صالح بوهزاع: “بحث المجلس موضوع إيجاد ساحة شعبية، وتمت الموافقة عليه ورفعت التوصية للوزير الذي أبلغنا بأن الخطوات الإدارية تسير في المشروع).

معاناة يومية

ناصر الحايكي “قبل سنوات، حين نريد الخروج من سماهيج إلى فريجنا في المحرق لا نستغرق سوى ٥ إلى ٧ دقائق، ولم نكن نعاني كما نعاني الآن، وحين زار وكيل وزارة الأشغال القرية، علمنا أن هناك خطة تطوير للشارع الرئيس على مرحلتين، ويتمنى الأهالي أن يتم الإسراع بمشروع تطوير الشارع فمعاناتنا اليومية تجعلنا في بعض الأحيان عالقين لمدة تصل إلى ٢٠ دقيقة حتى نتمكن من الدخول، ويتفق مع جعفر أحمد جاسم الذي يقول: “الكل يعرف مشكلة مواقف السيارات، وما يحدث من اختناق في طرقات القرية ولم يتحرك ساكن، سياراتنا تضررت بسبب الاحتكاك والازدحام حتى الزوار الذين يأتون من خارج القرية يواجهون مصاعب حين يزورون القرية حتى مكيفاتنا تضرر بعضها بسبب ارتطام بعض الشاحنات بها، ونقطة ثانية، الملعب القريب من المستشفى هو الملعب الوحيد الذي لدينا في القرية، وهو ليس ملعبًا بل نحن من هيأناه كملعب على أرض ملك خاص ولو فكر المالك ببناء أرضه نفقد هذا الملعب”، أما صابر عبدالله علي فيتفق معهما ويقول” ملاحظتي بالنسبة للشارع الرئيسي، فالمنحنى الذي يأخذك جهة البسيتين بالقرب من الإشارة الضوئية، يختنق أوقات الذروة صباحًا وظهرًا، فاقترح إشارة مؤقتة لتنظيم حركة المرور، لأن الناس تتأخر عن الدوام وفي الحالات الطارئة والحاجة إلى سيارات الإسعاف يصبح الوضع صعبًا للغاية، وكذلك الإشارة الثانية ففي موسم الأمطار يتكون مستنقع كبير من المياه يضاعف مشكلة الحركة المرورية”.

شخصنة الطلبات

بدر عبدالله “نلاحظ أن كل احتياجات الأهالي تصطدم بحاجز واحد وهو الميزانية، لكن لا يمكن أن تبقى هذه الشماعة للحكومة بأن أي مشروع يتعطل لعدم وجود الميزانية، الحال هنا نمثله بالقول إن لديك أطفالا بلغوا سن التعليم ولابد من دخول المدرسة، فليس من المعقول أن تقول وزارة التربية والتعليم إنها لا تستطيع قبولهم لعدم وجود ميزانية، وقس على ذلك كل الوزارات.. وزارة الصحة، لن تقول لا أستطيع معالجة مريض في الخارج لعدم وجود الميزانية، ولذلك وزارة الأشغال لا يمكن أن تقول إنها لا تملك الميزانية لمشروع ضروري للمواطنين، فوفق المتعارف عليه، لو تم البدء بمشروع مخطط له وتم إنجاز 80 % فالوزارة ملزمة بتوفير الخدمات من شبكة مجار وكهرباء وغيرها، ثم لنتحدث عن الشخصنة في بعض وزارات الخدمات تجاه النائب أو العضو، فحين يطالب بخدمات لدائرته، فهو لا يطالب لنفسه بل لأبناء الدائرة، فلا يجب أن تكون هناك شخصنة”.

الخدمات المتكاملة

مداخلة عضو المجلس صالح بوهزاع “قدمت اقتراحًا في اللجنة الفنية بالمجلس وافق عليه كل الأعضاء، للعمل على توفير الخدمات المتكاملة لأي أرض وقبل أن يأخذها المستثمر، وتكون خدمات البنية التحتية متوافرة كما هو الحال في دول مجلس التعاون، حيث شبكات الخدمات كلها جاهزة ولا يتعطل المواطن حين يقطن المنطقة، والرفض من الوزارة جاء بعدم المقدرة على تطبيق هذه الفكرة ولا ندري لماذا تمكنت دول الخليج من تطبيقه؟ فلو تم تطبيق الفكرة لن تحتاج لرسوم 12 دينارا للبنية التحتية التي تحتسب على المواطن، والفكرة ستحل مشاكل كثيرة في سماهيج وواحات المحرق ومجمع 254 ومنها مشاكل شفط المجاري فهناك صهريج واحد صباحًا واثنين في فترة الظهيرة، وكذلك في عراد والحد، وصهاريج الصرف لا تغطي الطلبات”.

التعويض بأراض

إسماعيل الحايكي “أقترح تخصيص بعض الأراضي كتعويض للأهالي في حال وجود مشاريع يمكن استخدامها كمرافق للخدمات”.. مداخلة صالح بوهزاع: لدينا صلاحيات محددة لا يمكن أن نتجاوزها لكننا طالبنا بالوزارة باستملاك بعض الأرضي، إلا أنه لا يمكن أن نحدد أننا نريد هذه الأرض أو تلك.

مسك الختام مناشدة

الجهود مستمرة، فالدير وسماهيج تحتاجان لخطة إنقاذ كما يشير ممثل الدائرة فاضل العود، ومن ثمار تلك الجهود أن المرحلة الأولى لشارع ريا ستبدأ في شهر أبريل بكلفة تقارب مليون دينار وتستمر لمدة 8 أشهر، وبعدها يتم إدراج موازنات المراحل الأخرى وهي 4 مراحل والكلفة الكلية للمشروع تبلغ 8 ملايين دينار تشمل توسعة الشارع وخدماته من شبكات الكابلات والمياه وغيرها، ولأننا نطالب بخطة إنقاذ، فإننا نناشد سمو ولي العهد بإدراج الدير وسماهيج ضمن مشروع تنمية المدن والقرى.

تلك كانت صور معاناة أهالي قريتي الدير وسماهيج.. وعلى نغم الفناجين ورائحة القهوة في ذلك المجلس العامر، ينتهي اللقاء ليبدأ أمل جديد للأهالي في أن يصل صوتهم إلى المسؤولين، ويرون “سمادير” في حلة جديدة.