+A
A-

الاختصاصية عين الحياة: أتمنى زيادة المستشفيات المتخصصة بالطب النفسي

أكدت اختصاصية الطب النفسي عين الحياة جويدة التي تمارس المهنة منذ أكثر من 30 عامًا، أنه يجب الاهتمام بالصحة النفسية تماما كباقي الأجزاء المهمة في الجسد مثل الكبد والكلى والقلب وغيرها. وأضافت في لقاء معها بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية، أن هنالك تخوفا لدى البعض من العلاج النفسي، وهذا بسبب المعتقدات الخاطئة التي عززتها الأفلام القديمة والأشخاص غير المتخصصين في هذا المجال، مستدركةً بأن هناك تقدما كبيرا من ناحية تقبل العلاج النفسي في عصرنا الحالي. ولفتت إلى أن سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي قد يؤدي لمرض نفسي، مشيرة في ذات الوقت إلى أن الشذوذ الجنسي يمكن علاجه وتداركه في وقت مبكر، مردفة أن التطرف الديني يعتبر مرضا نفسيا. وفيما يلي نص الحوار:

أكد الأمين العام للأمم المتحدة في اليوم العالمي للصحة النفسية هذا العام أهمية الصحة النفسية “، ما تعليقك على هذا؟ وهل صحيح أنها تلعب دورا مهما في صحة الإنسان الجسمانية؟

الكلام صحيح مئة في المئة، فالصحة النفسية يجب الاهتمام بها كباقي أجزاء الجسد المهمة كالكبد والكلى والقلب وغيرها، فالمخ والجهاز العصبي يجب أن يكونا سليمين وأي اضطراب فيهما يحتم علينا مراجعة طبيب نفسي إكلينيكي مختص، كما أن عدم المحافظة على الصحة النفسية سيظهر على شكل أمراض جسدية مثل السكري والضغط والقلب والأمراض الجلدية واضطرابات المعدة.

كيف يمكن أن يحافظ الشخص العادي على صحته النفسية؟ وكيف يمكنه التعامل مع الضغوط اليومية؟

يطول الحديث في هذا الشأن... باختصار يجب أن يضع الشخص جدولًا منظمًا في حياته اليومية والمستقبلية؛ لكي لا تكون حياته عشوائية من دون تخطيط، هذا إضافة إلى أهمية ممارسة الرياضة والهوايات التي تساعد على المحافظة على الصحة النفسية.

لا يزال البعض بمجتمعاتنا العربية غير متقبلين لفكرة العلاج النفسي، فما الرسالة التي توجهينها بهذا الخصوص؟

يتخوف البعض من العلاج النفسي؛ لارتباطه بالمخ والأعصاب، وهذا بسبب المعتقدات الخاطئة التي وصلت لهم من الأفلام القديمة والأشخاص غير المتخصصين في هذا المجال وربط المرض النفسي بالجنون وهذا خطأ. وبالرغم من هذا هناك تقدم كبير من ناحية تقبّل العلاج النفسي في عصرنا الحالي.

ما موقف الطب النفسي من علاج الأمراض النفسية بالطاقة والتأمل وغيرها؟

الاعتماد على الطاقة والتأمل يمكن أن يساعد من لا يعانون من مرض نفسي، ولكن مع الأسف الشديد هناك من يستغل تخوف الناس من العلاج النفسي لمصلحته الشخصية، فمن يعاني من مرض نفسي عليه التوجه لطبيب مختص وإلا ستسوء حالته ويصعب علاجه.

تشير أحدث التقارير إلى أن كل 40 ثانية يموت شخص منتحرًا، والانتحار ثاني سبب لوفاة الشباب بين 16 و29. برأيك ما سبب هذا الرقم الكبير خصوصا بين فئة الشباب؟

عدم وجود خطة مستقبلية لتحقيق أهدافهم والعيش بشكل غير منظم، هذا إضافة إلى تعاطي المخدرات والتشتت الأسري، وعلى الرغم من اعتراض البعض فإن الألعاب الإلكترونية لها تأثير سلبي أيضًا، وهذا كله يؤدي إلى الإحساس بالفراغ والإحباط والاكتئاب مما يزيد من حالات الانتحار.

هل تواجه مجتمعاتنا العربية هذه المشكلة بنسب عالية؟ وما التدابير التي يجب اتباعها لإبعاد أبنائنا عن الانتحار؟

 

لا نستطيع أن ننكر وجود هذه الظاهرة في مجتمعاتنا ولكن نسبتها لا تقارن بالدول الأجنبية؛ لأن العامل الديني والخوف من الله والترابط الأسري والاجتماعي جميعها تلعب دورا مهما في تقليل هذه الظاهرة في مجتمعاتنا. وهنا لابد من الإشارة لأهمية التوعية الذي تتم من خلال الإعلام والأطباء ورجال الدين والجمعيات وغيرها مِمّن لديهم صوت مسموع وقوة تأثير.

ما دور العائلة والأصدقاء في دعم المريض النفسي؟

من المهم جدًا دعمه بعدم إشعاره بأنه منبوذ ومختلف ومساعدته بتيسير علاجه والانتباه لمعايير وتوقيت دوائه والتعلم والتثقف عن المرض لمعرفة التعامل معه.

ما رأي الطب النفسي في أن الاكتئاب والوسواس القهري سببهما ضعف الإيمان؟

هذا الكلام غير صحيح، وممكن أن يُشعِر المريض بالذنب ما يؤدي إلى سوء حالته أكثر، فالصلاة وقراءة القرآن وغيرها من عبادات أمر طبيعي يفعله جميع المسلمين لكن من لديه مشكلة نفسية متعلقة بكيمياء الدماغ يحتاج إلى علاج طبي علما أن هذا لا يمنع وجود الحافز الديني الذي يدعم عملية العلاج.

هل يحتاج كل من يعاني من اضطرابات نفسية إلى علاج دوائي؟

ليس بالضرورة، إذ يمكن أن يقتصر العلاج على جلسات بين المريض والطبيب، فمثلا حالة الرهاب والقلق والخوف وقلة الثقة بالنفس، فهذه تتطلب تدريب الشخص على مواجهة المواقف التي يستصعبها من خلال تمارين خاصة.

هل ذوو الإعاقة أكثر عرضة للأمراض النفسية من غيرهم؟ وهل تكون طريقة العلاج مختلفة؟

ليس بالضرورة، فهذا يعتمد على البيئة المحيطة بهم من عائلة وأصدقاء وزملاء، فطريقة التعامل معهم هي ما يؤثر عليهم إما إيجابًا أو سلبًا، فإذا كان لديهم ضغوط عالية بسبب إعاقتهم من الجائز تعرضهم لمرض نفسي ولا يختلف علاجهم عن المرضى الآخرين.

هل يعتبر التطرف الديني اضطرابًا نفسيًا؟ وكيف يمكن علاجه؟

بالتأكيد نعتبره مرضا نفسيا ولا يوجد شخص طبيعي يفكر بتطرف مهما كان دينه، ومن أسبابه الكبت الزائد والأذى الجسدي والنفسي والمفاهيم الخاطئة الذي أنشئ عليها منذ الصغر.

كيف تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية للفرد؟

لها تأثير سلبي إذا زاد الاستخدام عن حده فتسبب العزلة في البيوت والأماكن العامة. ويحاول البعض التفاخر وإظهار ما لديه ليراه الآخرين ويصبح عندهم هوس لإظهار أنفسهم بأفضل حال حتى لو كانوا تعساء.  لكن لا يمكننا أن ننكر أن لها تأثيرا إيجابيا عن طريق تصفح وزيارة المواقع والمصادر المتخصصة الموثوقة وأخذ المعلومات الصحيحة منها.

من خلال عملك في البحرين ما الأمراض النفسية الشائعة في مجتمعنا البحريني؟

المجتمع البحريني توجد فيه أمراض نفسية مختلفة بنفس النسب الموجودة في أي مجتمع آخر مثل الاكتئاب والقلق والفصام والوسواس القهري واضطرابات الهوية الجنسية.

إذا كانت اضطرابات الهوية الجنسية (الشذوذ الجنسي) مرض نفسي فكيف يمكن التعامل معه؟

يجب التعامل معه في سن مبكر إذا لوحظ على الابن أو الابنة أي علامات تدل على هذا المرض من قبل الأهل، وأي تأخر في بدء العلاج سيصعب الأمر كثيرًا على الطبيب والمريض، وهنا يشار إلى أهمية توعية الأهل لمعرفة كيفية التعامل مع هذا الأمر.

كيف تصفين أداء وزارة الصحة في مجال الصحة النفسية من وقاية وعلاج؟

تحاول الوزارة الاهتمام أكثر والتقدم في هذا المجال بشكل مستمر ومن خلال تجربتي الشخصية جميع من تعاملت معهم في هيئة التخصصات الطبية وقسم الأدوية المخدرة في الوزارة كانوا متفهمين ومتعاونين بقدر استطاعتهم والموارد المتوافرة لديهم.

وأتمنى في المستقبل زيادة عدد المستشفيات والمراكز الحكومية المتخصصة في الصحة والطب النفسي. وأتمنى أيضا وجود طبيب في كل مركز صحي في البحرين لاكتشاف الحالات بسرعة والتعامل معها قبل أن تتدهور ولتقليل الضغط وتقريب المواعيد للمرضى، بحيث إن المواعيد المتأخرة تؤثر سلبًا على المريض.

ما رأيك بقرار وزارة العمل بإقفال وحظر الأماكن التي تعالج المرضى النفسيين بدون ترخيص معتمد من الوزارة؟

اعتبر هذا القرار صحيحًا فهناك مرضى يأتون إلينا بعد ذهابهم إلى هذه الأماكن مع مشاكل أكبر مما كانوا فيه بسبب أخطاء بالعلاج وتأخر العلاج الصحيح.

 

حوار: محمد ماجد الميعاري

طالب إعلام في جامعة البحرين