+A
A-

متقاعدو اليابان لا يتقاضون معاشات قبل سن الـ 65... وبلديات النرويج توفِّر ممرضات

تنشر “البلاد” على حلقات أبرز ما يتضمنه كتاب أستاذ علم الاجتماع المساعد بقسم الاجتماع بكلية الآداب في الجامعة أحلام القاسمي الموسوم “الشيخوخة النشطة: التحديات والمؤشرات والتجارب الناجحة وتطبيقاتها في دول مجلس التعاون الخليجي”.

وأعدّ الكتاب لصالح المجلس التنفيذي لمجلس وزراء العمل ومجلس وزراء الشؤون الاجتماعية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

وذكرت القاسمي بالفصل الرابع من الكتاب أن مقياس الشيخوخة النشطة الأوروبي سجل مراتب متقدمة لتجارب بيوتهم، ويحصل بعضهم على مساعدة من البلدية (ممرضة منزلية– مساعدة في الأعمال سويسرا والسويد والدنمارك وفنلندا وهولندا والمملكة المتحدة وغيرهم).

وبينت أن اليابانيين عادة لا يتقاضون المعاشات قبل بلوغ سن الـ65، فهناك كثير من كبار السن الذين يضطرون إلى مواصلة العمل.

ولفتت الى أن غالبية المسنين بالنرويج يعيشون في المنزلية– وعروض الأماكن في المراكز اليومية للبلدية وغيرها).

وتستعرض حلقة اليوم المنشورة بالصحيفة التجربة الفنلندية والنرويجية واليابانية.

 

مسنـو فنلنـدا يستخدمون الزلاجات ويركبـون “السياكـل”

مشروع “ميناء الوطن” يضم 63 شقة للمسنين

تحتل فنلندا مرتبة متقدمة في مقياس مراقبة الشيخوخة لعام 2015، حيث تحتل المرتبة الـ 14، وهي تحتل مرتبة عالية في جميع المجالات، حيث تحتل المرتبة الـ17 في مجال أمن الدخل، مع تغطية دخل المعاشات بنسبة 100 %، وبمعدل فقر منخفض مقارنة ببلدان أخرى في منطقتها (5 %).

فنلندا تحتل المرتبة السادسة في مقياس الشيخوخة النشطة الأوروبي في مرحلة تطبيقه الأولى بين يناير 2012 حتى فبراير 2013، وتقدمت إلى المرتبة الخامسة في المرحلة الثانية والممتدة من أكتوبر 2013 حتى ديسمبر 2015.

وكبار السن النشطون تراهم كثيرًا في فنلندا في جميع أنواع المناسبات الاجتماعية والثقافية، كما على الزلاجات أو الدراجات، حيث يشكل من هم في عمر ال60 أو أكثر 27 % من سكان فنلندا، وأعدادهم تتزايد بسرعة، بل أسرع من أي مكان آخر في العالم باستثناء اليابان. وتمثل تكلفة مستقبل رعاية شيخوخة السكان المتنامية في هذا البلد تحديا كبيرا. ومع ذلك، فإن المحافظة على كبار السن في نشاط بدني وفي انشغال اجتماعي يمكن أن يساعد في تقديم حل ناجح.

وتمتلك فنلندا شبكة خدمات لكبار السن الذين لا يغادرون المنزل، من بينها السكن المشترك للخدمة الذاتية المبتكر، حيث يتشارك أصحاب الشقق في المرافق المشتركة، ويمكن الاختلاط في الأماكن المجتمعية، حيث يعد هذا خيارا جذابا لكثير من كبار السن.

وفي العام 2015 افتتحت “جمعية كبار السن النشطاء” مشروع السكن المشترك الثاني، وأسمته (ميناء الوطن)، في هلسنكي. ويوضح أحد كبار السن المقيمين في المشروع بأن “ميناء الوطن ليس منزل مسنين عادي، ولكنه نوع جديد من نظام الإسكان ذي الخدمة الذاتية”، “بالإضافة إلى رعاية الشقق الخاصة بنا، نقوم نحن السكان بتجميع أنفسنا في فرق العمل المنزلي لنتناوب على تنظيف المساحات المجتمعية لدينا وطهي وجبات الطعام ويمكننا أن نختار التمتع معا مساء كل يوم من أيام الأسبوع. هذه الطريقة تروق إلى الناس الذين يريدون الحفاظ على السيطرة على حياتهم الخاصة، ولكنها تروق أيضا للذين يتمتعون بالإحساس بالانتماء للمجتمع والأنشطة المنظمة جنبا إلى جنب مع جيرانهم“.

ويضم مشروع “ميناء الوطن” 63 شقة لطيفة، وهو مجهز تجهيزا جيدا تماما للكراسي المتحركة والمرافق المشتركة بما في ذلك الحرف اليدوية وورشة عمل (اصنع بنفسك)، وصالة رياضية صغيرة ومكتبة وغرفة ألعاب، ومغسلة ملابس، وحديقة على السطح، وحمامي بخار، وغرفة طعام جماعية واسعة، ومطبخ، ولوحة ملاحظات إلكترونية تظهر أخبار حول الأنشطة والفعاليات، ونوبات الأعمال المنزلية.

ويستطيع كل شخص الاستفادة القصوى من كل هذه التسهيلات، وهناك، إضافة إلى هذه التسهيلات، الكثير من الجماعات بالنسبة للأشخاص الذين تربطهم اهتمامات بالغناء والسينما والأدب ومهارات تكنولوجيا المعلومات، ولعب الورق والشطرنج والبولينج، وهناك العديد من سكان “ميناء الوطن” يركبون الدراجات الهوائية بانتظام، حتى أن البعض يتمتع بالاستحمام في فصل الشتاء في حفرة في الجليد من الخليج المحيط القريب من هذا المشروع.

كل شيء في “ميناء الوطن” تم التخطيط له بدقة مسبقا من خلال جمعية “كبار السن النشطاء” من السكان أنفسهم، الذين يبلغ متوسط أعمارهم 67 وتتراوح أعمارهم من 54 إلى 80 عامًا. ولدى الجمعية تصور لزيادة مثل هذه المشروعات في أماكن أخرى، حيث يشعر المسن المقيم أنه يعيش وسط أسرة كبيرة.

وفي سياق الاهتمام بشيخوخة نشطة، نفذ صندوق الابتكار الفنلندي سيترا (Sitra) العديد من المشاريع التي تأتي في سياق “تعزيز المواطنة الفعالة من جميع الأعمار” بما فيهم كبار السن بغرض تمكينهم من مواصلة العيش بشكل مستقل في المنزل، والمشاركة في الحياة العملية، ومواصلة العمل بعد التقاعد، والانخراط في العمل التطوعي.

 

80 % من اليابانيين المتجاوزين سن التقاعد يواصلون العمل

ارتفاع نسبة الستينيين من ربع السكان إلى 40 % أكبر التحديات

تحتل اليابان المرتبة الثامنة على مقياس “مراقبة الشيخوخة” العالمي لعام 2016، لكنها تحتل المرتبة الأولى على مستوى صحة كبار السن، والمرتبة السابعة على مستوى القدرات (التعليم والتوظيف).

ويبلغ متوسط العمر المتوقع عند الولادة في اليابان 83.4 سنة في اليابان. كما تتصدر اليابان دول العالم في ارتفاع الأعمار، ويشكل الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاما ربع سكان اليابان، وهم في الطريق للوصول إلى 40 %. وهو ما يخلق تحديات كبيرة للحكومة وللاقتصاد الياباني.

والآن، فإن البلد يعالج المشكلة مع البرامج المبتكرة، بما في ذلك كل شيء من التأمين الشامل على المدى الطويل إلى الروبوتات.

وتشير التقديرات إلى أن نسبة اليابانيين الذين تزيد أعمارهم عن 75 عاماً سوف ترتفع بين عامي 2010 و2060، وسوف ترتفع إلى أكثر من الضعف من 11 % إلى 27 %.

وتعني هذه الأرقام أن أكثر من ربع سكان اليابان فوق سن التقاعد، إلا أن أكثر من 80 % منهم يواصلون العمل. كما أن أي دولة صناعية متقدمة في العالم لا تتفوق على معدل ارتفاع أعمار سكان اليابان.

وإلى جانب أن متوسط أعمار اليابانيين هو الأكبر في العالم، حيث من المتوقع أن يبلغ متوسط الأعمار أكثر من 90 عاماً بحلول العام 2050، فإن معدلات المواليد المنخفضة تتسبب في تراجع نسبة الأيدي العاملة، ولمواجهة هذا الواقع، يرى خبراء الاقتصاد أن اليابان تحتاج إلى المزيد من كبار السن ليشغلوا عجلة الاقتصاد الياباني.

ومن أجل أن يتمكن كبار السن من العمل في سن متقدمة، فإنهم يحتاجون إلى التمتع بصحة جيدة ليتمكنوا من مواصلة العمل في شيخوختهم. ومن أجل ذلك هناك توعية للسكان بطرق تحضير الطعام بصورة صحية، حيث يقوم مستشارون، يطلق عليهم شوكاي سان، بجولات في المدارس والمراكز الاجتماعية، وحالياً هناك نحو 150 ألفاً من هؤلاء المستشارين في جميع أنحاء البلاد بينهم الكثير من ربات البيوت المتقدمات في السن. ويحصل هؤلاء على التمويل من إسهامات السكان والحكومات المحلية.

وليس هذا كل شيء، حيث يخضع اليابانيون كذلك لفحوصات طبية بصورة دورية ويتمتع مستشفى ساكو المركزي في ناغانو بالريادة. وتحت شعار “الوقاية خير من العلاج” بدأ المستشفى إجراء تلك الفحوصات بعد فترة وجيزة من نهاية الحرب العالمية الثانية من خلال إرسال أطباء وممرضين إلى البلدات لإجراء الفحوصات الدورية، وفي الوقت الراهن يمكن إجراء تلك الفحوصات الطبية في الشركات ومختلف المناطق في جميع أنحاء البلاد.

وبفضل هذا فإن نسبة اليابانيين الذين يعملون في سن متقدمة تفوق مثيلاتها في دول أخرى، حيث إن عدد العاملين الذين تتجاوز أعمارهم حاجز 65 عاماً خلال العام 2016 بلغ نحو 7.3 مليون شخص ما يمثل 21.7 % من السكان.

وعلى الرغم من عدم وجود سن رسمية للتقاعد في اليابان، فإن العاملين في الكثير من الشركات يمكن إحالتهم إلى التقاعد في سن الستين، وحتى أقل من ذلك، ومع ذلك فإن أكثر من 80 بالمائة منهم يستمرون ضمن فريق العمل، ولكن برواتب أقل بكثير، حيث إن اليابانيين عادة لا يتقاضون المعاشات قبل بلوغ سن ال65، فهناك الكثير من كبار السن الذين يضطرون إلى مواصلة العمل.

ويعتبر نظام التأمين في اليابان شاملاً ولا مثيل له في أماكن أخرى، حيث يدفع الناس في النظام ابتداء من عمر الأربعين، ويصبحون مؤهلين للحصول على المزايا ابتداء من عمر ال 65، أو في وقت سابق في حالة المرض. وعند تقديم الطلب، يتم مقابلة المتقدمين من قبل موظف البلدي، وهذا بدوره، يرفع تقريره إلى لجنة خبراء من العاملين في مجال الرعاية الاجتماعية. وبعد ذلك يتم وضع خطة للرعاية تسمح للمتقاعد المريض بالاختيار بين المؤسسات المتنافسة ومقدمي الخدمات الذين يقدمون كل شيء من الزيارات المنزلية والاستحمام حتى الحصول على البقالة ودفع ثمن الإقامة القصيرة في المستشفيات أو الإقامة الطويلة الأجل في دور رعاية المسنين.

 

كبار السن بالنرويج يحصلون على مساعدة من البلدية

اتخذت الحكومة النرويجية بعض التدابير بغرض تحسين آفاق سوق العمل للعمال المسنين. والهدف العام للحكومة هو مواكبة القوى العاملة المرتفعة ومعدلات المشاركة. ومن ثم، فإن سياسات الشيخوخة النشطة في النرويج بدأت بالتركيز بقوة على سوق العمل والمعاشات التقاعدية.

وبدأت بالتركيز على الحاجة إلى زيادة قوة العمل، وتقييد التقاعد المبكر. وهو ما تم بالفعل. لاحقاً بدأ الاهتمام يتوسع إلى التدريب، وتنمية المهارات والتعلم مدى الحياة.

وتستند التدابير المتخذة إلى الفكرة التي تقول بأن كبار السن يمثلون مورد عمل مهم سوف يعتمد عليه المجتمع بقوة في المستقبل. وحتى يتحقق هذا لابد من الاهتمام بقضايا الرعاية الصحية، وتعليم كبار السن، وتنمية مهاراتهم وقدراتهم.

والنتيجة بعد كل هذه التدابير والسياسات أن النرويج تحتل اليوم تصنيفاً مرتفعاً في الشيخوخة النشطة. فهي تحتل المرتبة الثانية في المؤشر العام في مقياس مراقبة الشيخوخة العالمي لعام 2015. وهي تحتل مرتبة عالية في جميع المجالات.

ويحصل كافة المسنون في النرويج على التقاعد، ويتراوح حجمه وفقاُ للدخل من العمل السابق. يعيش غالبية المسنين الموجودين في النرويج في بيوتهم، ويحصل بعضهم على مساعدة من البلدية (ممرضة منزلية – مساعدة في الأعمال المنزلية – وعروض الأماكن في المراكز اليومية للبلدية وغيرها)، ويستطيع العديد منهم الاعتناء بأنفسهم بصورة كاملة أو من خلال حصولهم على مساعدة من الأسرة فقط.

وعندما لا يستطيع المرء الاعتناء بنفسه، يمكنه التقدم بطلب الحصول على مكان في دار رعاية المسنين، حيث يقيم فقط نصف عدد الأشخاص الذين تعدت أعمارهم التسعين عاماُ في هذه الدور.