العدد 6037
الجمعة 25 أبريل 2025
الحوكمة ومسؤوليات مجلس الإدارة
الجمعة 25 أبريل 2025

قانون الشركات التجارية يوضح وينظم كيفية تكوين مجلس الإدارة، وأعماله، ودوره في إدارة الشركة وخدمتها، وحماية حقوق المساهمين وأصحاب المصالح المرتبطين بالشركة، بل وحتى المجتمع بأسره.

ومع تطور العمل المؤسسي، وتداركا لبعض الممارسات غير السليمة وبعض “الهفوات”، ظهرت الحاجة الماسة إلى إصدار ضوابط تكميلية، تهدف إلى وضع مسار الشركات ضمن إطار مؤسسي ناجع، للوصول بها إلى أعلى مراتب حُسن الإدارة والضبط المؤسسي.

وقد أتى ذلك متزامنًا مع إصدار المبادئ الرئيسية لحوكمة الشركات، والتي تُعرف بـ “الحوكمة”، أو “الحاكمية”، وهي منظومة تهدف إلى توفير مزيد من الأسس والضوابط؛ لضمان إدارة الشركات وتسييرها بشكل فعّال ومنضبط.

وقد راعى واضعو هذه المبادئ أن يُتيح إطار الحوكمة خطوطًا إرشادية لتوجيه الشركات بصورة سليمة، وفي الوقت ذاته يكفل المتابعة الفعالة للإدارة التنفيذية من قِبل مجلس الإدارة.

وفي المقابل، يجب أن يتضمن هذا الإطار مبادئ تكفل مساءلة مجلس الإدارة من قِبل الشركة والمساهمين، لتكتمل بذلك حلقة المساءلة والضبط والربط على جميع مستويات الشركة، بما يحقق العدالة للجميع.

ولضمان قيام مجلس الإدارة، وهو رأس الرمح في الهيكل المؤسسي، بدوره القيادي المنشود، يجب أن يعمل أعضاؤه على أساس من توافر كامل للمعلومات، ونوايا حسنة، وسلامة في تطبيق القواعد، بما يحقق مصالح الشركة والمساهمين وفق أعلى المعايير القانونية والإدارية والمؤسسية.

وحينما تؤثر قرارات مجلس الإدارة بشكل متفاوت على فئات المساهمين المختلفة، يجب أن يسعى المجلس إلى تحقيق معاملة عادلة ومتساوية للجميع، إذ يُعدّ المساهمون نواة الشركة ومصدر قوتها.

ومن أجل تحقيق هذه الأهداف والتطلعات، وضمان حسن إدارة الشركة، يتعين على مجلس الإدارة التوافق الكامل مع القوانين السارية، مع الأخذ في الاعتبار مصالح جميع أصحاب العلاقة.

ولتجسيد هذا التحول المؤسسي النوعي، ينبغي على مجلس الإدارة الالتزام بعدد من المهام الجوهرية، من بينها: مراجعة وتوجيه استراتيجية الشركة، وخطط العمل، وسياسة إدارة المخاطر، والموازنات السنوية، وخطط النشاط؛ كما يجب أن يضع أهداف الأداء، ويتابع التنفيذ، ويُشرف على أداء الشركة.
ويشمل ذلك أيضًا الإشراف على الإنفاق الرأسمالي، وعمليات الاستحواذ وبيع الأصول، بما يحقق الوضع الأمثل للشركة ومساهميها.

كذلك من مسؤوليات المجلس اختيار المسؤولين التنفيذيين الرئيسين، وتحديد رواتبهم ومزاياهم، ومتابعتهم وتوجيههم عند الحاجة، وكذلك العمل على إحلالهم عند الضرورة، وضمان وجود خطط للتعاقب الوظيفي تضمن استمرارية الأداء المؤسسي. ويجب مراجعة مستويات رواتب ومزايا المسؤولين التنفيذيين وأعضاء المجلس، مع ضمان الشفافية والعلنية، خاصة في ما يتعلق بعملية ترشيح أعضاء مجلس الإدارة، الذين يجب أن يُنظر إلى دورهم كـ “تكليف” لا “تشريف”.

ومن أجل تحقيق مبادئ الحوكمة، يتعين على مجلس الإدارة متابعة وإدارة حالات تعارض المصالح بين الإدارة التنفيذية وأعضاء المجلس والمساهمين وأصحاب المصلحة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: إساءة استخدام أصول الشركة، أو التعامل مع أطراف ذات صلة.

كذلك يقع على عاتق المجلس ضمان سلامة التقارير المحاسبية والمالية، مما يتطلب وجود مراجع حسابات مستقل وكفء، إلى جانب تطوير نظم رقابة ملائمة، خصوصًا في ما يتعلق بمتابعة المخاطر والرقابة المالية، والالتزام بالقوانين ذات الصلة.
ويستلزم ذلك أيضًا تقييم فعالية منظومة الحوكمة المعتمدة داخل الشركة بشكل دوري.

ولتحقيق إشراف فعّال على عملية الإفصاح والاتصالات وإعلان السياسات، يجب أن يمارس مجلس الإدارة تقييمًا موضوعيًا ومستقلاً لشؤون الشركة، بعيدًا عن تأثير الإدارة التنفيذية.

ومن المهم أن يضم مجلس الإدارة عددًا كافيًا من الأعضاء غير التنفيذيين القادرين على التقييم المستقل، لاسيما في حالات احتمال وجود تعارض في المصالح.

كما ينبغي على أعضاء المجلس تخصيص وقت كافٍ لمباشرة مسؤولياتهم، وعلى من لا يستطيع، أن يعتذر عن الاستمرار. ويجب تمكين أعضاء المجلس من الوصول إلى المعلومات الدقيقة وفي الوقت المناسب، مع إمكان الحصول على الاستشارات الفنية على نفقة الشركة لاتخاذ القرارات السليمة.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .