طالما طالبت بأهمية تصنيف الجامعات، بالمشاركة في المؤتمرات الإقليمية والدولية للمؤسسات العالمية المتخصصة في هذا المجال التقني الصعب، وكثيرا ما كنت أؤكد بأن الكلمة الفصل في وضع جامعاتنا على منصات العالمية ووصولها الى قائمة أفضل خمسمائة جامعة في المعمورة بأسرها يتطلب من قياداتها وعيا مضاعفا بأهمية العمل على استكمال النواقص، وسد الثغرات، ليس فيما يتعلق بأجهزتها الإدارية والأكاديمية فحسب، إنما من خلال تطوير البرامج والحصول على أفضل تزكيات هيئات جودة التعليم محليا وإقليميا ودوليا، برامجيا ومؤسسيا، وكثيرا ما كنت أكلف نفسي وفريق العمل المرافق المتخصص بضرورة متابعة مواقعنا كجامعات بحرينية وسط هذا الكم الهائل من الجامعات العريقة والحديثة وحتى المتداخلة معنا على النار العلمي، وتلك التي لازمتنا وزاملتنا فوق منصات التتويج بالتقديرات والتزكيات المحلية والإقليمية والدولية.
وطوال أكثر من ربع قرن من الزمان، وانا أطالب نفسي أولا وفريقي المرافق بأن نرتقي بأنفسنا أولا، بأن يصبح خريجونا هم المفضلين دائما في أسواق العمل، وأن تكون برامجنا وكلياتنا متواكبة مع احتياجات هذه الأسواق، ونحمد الله ونشكر فضله أننا خلال أقل من ربع قرن، وهو عمر زهيد في الزمن الأكاديمي المحسوب، تمكنا من أن نعتلي أعلى منصات الجودة في التعليم والتدريب والبحث العلمي والاعتراف الأكاديمي المحلي والإقليمي والعالمي، حتى أصبح لدينا طابور طويل من الإنجازات المعروفة لدى القاصي والداني والمتابع الحصيف.
وها نحن اليوم نرى مؤسسات التصنيف العالمية مثل “كيو اس العالمية“ و “التايمز البريطانية”، وهي تمنحنا أعلى التقديرات وتضعنا في أهم المراكز المتقدمة تصنيفًا من بين أفضل وأعرق الجامعات العالمية، هو مجرد تخطيط بعلم وإتقان وانضباط، إدارة للأزمات والإنجازات، توغل في علوم المعرفة والتقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي من دون خوف أو تردد أو تمادٍ في ارتكاب المحاذير، هي سلطة الذهن قبل أن تكون سلطة صانع القرار، هي إدارة القرارات وليست فقط الحرص على اتخاذها بالسرعة والكيفية المناسبة، ثم هو الإيمان بالإنسان في ذات الوقت وذات المكان وعدم تأجيل الإنجاز وتأخيره لكي لا يسبقنا إليه راصد، أو منافس، أو طامح بلا حدود.
طالما تمنيت أن يكون ما نحلم به تجاه وطننا قيد التحقق على الدوام، وأن يكون “السوبر ستار“ من صنع أيدينا، وأن يكون الخريج المعجزة معدًا له سلفا وسابقا للتجهيز داخل بلاط جامعاتنا، ليست نصيحة بقدر ما هي رؤية، وليست طموحا مبالغا فيه، وتحت أيدينا المقومات والإمكانيات البشرية والتكنولوجية التي تساعدنا على تقويم الخطأ واحتساب درجات الصواب والإجادة قبل البكاء على الحليب المسكوب، لقد آلينا على أنفسنا أن نخدم في هذا المحراب وأن نصلي أمام هذا المنبر، وأن نعمل جاهدين من أجل أن يكون لدينا تعليم راقٍ، مصنف، جيد بمقاييس الجودة، ونافذ بسلطان العلم، والله وحده ولي التوفيق.