نصف عائلة تلك التي تعتمد على الأم في كل تفاصيلها، حنانها، دعمها النفسي، قربها، اهتمامها، بينما الأب يكون خارج المنزل، يهتم بعمله تحت عنوان أنه يبني مستقبل أبنائه، فلا يعلم شيئا عن تحصيلهم التعليمي لأن الأم هي من تقوم بالتواصل مع المدرسة، ولا يعلم شيئا عن أحاسيسهم ونفسيتهم لأن الأم هي من تقوم بالدعم النفسي المباشر وغير المباشر، ولا يدري إن كانوا قد تعلموا آداب الحديث أو لا، أو تعلموا آداب التعامل أو لا، أو حتى قد تعلموا أبسط الأمور في تلك الدنيا التي كان هو سببا أساسيا في قدومهم إليها، فقط لأنه يظن أن عليه أن يرتب قوت اليوم ويضمن المستقبل، فيما أن ما تبقى مجرد تحصيل حاصل لا أهمية له!
وأعجب كل العجب من التفكير السائد في أغلب الأسر، بل في أغلب المجتمعات بأن على الأب أن يضمن مستقبل أبنائه المادي ويلبي احتياجاتهم المادية، فيما يتناسى الأغلبية أن الأب هو مدرسة كما الأم تماما ولا يقل عنها في أن يشحن احتياج الأبناء العاطفي ودعمهم النفسي ورقيهم الأخلاقي، بل إن وجوده الحقيقي في حياتهم يشعرهم بأنهم أغنى من أغنى ملوك الأرض وإن كان أبوهم معدما لا يملك قوت يومه. الأصعب من هذا وذاك هي الندية التي باتت المرأة تتعامل فيها مع تقصير الرجل، فترى أنه يجب أن يعاقب على تقصيره بنفس الطريقة.
فتبدأ هي الأخرى بعد فترة من محاولات يائسة لتثبيت وجوده المعنوي والنفسي حولها وحول أبنائها، تبدأ هي الأخرى بإهمال واجباتها وتنشغل بذاتها أكثر فأكثر، رافعة شعار المعاملة بالمثل، لكنها لا تفطن لحجم الخسائر غير بعد ضياع أبنائها لا قدر الله أو دخولهم في أمراض نفسية كان سببها الرئيسي غياب أحد الوالدين أو كليهما، ثم إن أولئك الأطفال يكبرون ويُطلب منهم أن يكونوا أسرا خاصة بهم، فهل تعتقد أن تلك الأسر ستكون سليمة وصحية أم ماذا ترى من حولك؟
كاتبة وأكاديمية بحرينية