العدد 5987
الخميس 06 مارس 2025
banner
في ذكرى رحيل والد الأمة ومؤسس نهضتها
الخميس 06 مارس 2025

لن نكل أو نمل، ولن يجف مداد أقلامنا أو ترتخي سواعدنا ونحن نقرع أجراس المحبة والوفاء في مثل هذا اليوم من كل عام منذ 26 عامًا، ففي ذلك اليوم قال الله سبحانه وتعالى كلمته، واختار إلى جواره المغفور له صاحب العظمة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمير البلاد الراحل طيب الله ثراه، وفي اليوم ذاته أكرمنا الله جلت قدرته بتولي نجله البار صاحب الجلالة مليكنا المعظم الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حفظه الله ورعاه، زمام الحكم وتحمّل مسؤولية القيادة بكل عزيمة وإيمان واقتدار، فكان وما يزال خير خلف لخير سلف.
نعم، في مثل هذا اليوم من كل عام تقرع أجراس الوفاء والعرفان والولاء في وجدان أبناء البحرين الأوفياء المخلصين، وتتجدد الذكرى والذكريات، ويتجدد الأمل، وتترسخ الثقة في مستقبل بحريننا الغالية بقيادة جلالة الملك المعظم، وفقه الله، الذي ظل منذ اليوم الأول لتوليه مقاليد السلطة يسعى جاهدًا لترسيخ وتعظيم المكتسبات والمنجزات التي حققها المغفور له والده الأمير الراحل، والتي كان من أبرزها المحافظة على الهوية الوطنية والانتماء العربي للبحرين الغالية، وتحقيق استقلالها، وإدماجها في المجتمع الدولي كدولة مستقلة ذات سيادة. 
وقد انطلقت البحرين من تلك القاعدة الصلبة الراسخة التي أرساها الأمير الراحل طيب الله ثراه لترتقي إلى آفاق أوسع وأرحب، ولتؤكد دورها الفاعل على المستويين الإقليمي والدولي، وها هي اليوم، على سبيل المثال،  تتبوأ مكانة مرموقة وتتربع على كرسي الرئاسة للقمة العربية، في دورتها الحالية، في وقت وظرف يعدان من أصعب وأدق الأوقات والظروف وأكثرها حساسية وتعقيدًا؛ حيث تواجه الدول العربية الكثير من التحديات والأخطار المصيرية التي تنذر بعواقب وخيمة إذا لم يتم مواجهتها والتصدي لها بتكثيف التواصل والتنسيق والتعاون بين قادة هذه الدول من جهة، وبينهم وكافة القوى المعنية في المنطقة والمهتمة بقضاياها من الجهة الأخرى، وليس ثمة دولة أكثر قدرة وتأهيلًا للاضطلاع بهذا الدور وهذه المهمة أفضل من مملكة البحرين التي تتمتع بالمصداقية المطلوبة، وترتبط بصلات وثيقة وعلاقات وطيدة مع كافة الأطراف المعنية بالقضايا التي تسبب التوتر والتصادم في المنطقة، وعلى رأسها الصراع العربي الإسرائيلي حول القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق.
والتزامًا وتمسكًا بالتراث الإنساني الذي خلفه الأمير الراحل، طيب الله ثراه؛ فقد ظل جلالة الملك المعظم شغوفًا ومهتمًا بقضايا السلام والاستقرار والتعايش والاحترام المتبادل بين مختلف الشعوب والأديان والمعتقدات، ومهمومًا بشكل خاص بما تعانيه الأمة الإسلامية من تفرق وتشتت وانقسام، فجاءت مبادراته في هذه المجالات متعددة ومتتالية، كان آخرها وربما أهمها دعوة جلالته لعقد مؤتمر “الحوار الإسلامي الإسلامي”، الذي عقد الشهر الماضي في مملكة البحرين برعاية جلالته وتحت شعار “أمة واحدة ومصير مشترك”، وبحضور شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، ومشاركة أكثر من 400 شخصية من العلماء والقيادات والمرجعيات الإسلامية والمفكرين من مختلف أنحاء العالم.  
وبفضل رعاية وتدبير جلالته فقد اتفق المؤتمرون على أهمية تعزيز أسس الوحدة الإسلامية، والسعي إلى لمّ شمل الأمة بمكوناتها المتعددة، وبيان مساحات الاتفاق الواسعة بين المسلمين، وتفعيل الحوار البناء، والعمل على تعزيز القواسم المشتركة بينهم في مواجهة التحديات العالمية، ونبذ خطاب الكراهية، والتأكيد على دور العلماء والمرجعيات الدينية في رأب الصدع بين المذاهب المختلفة، وترسيخ قيم التعايش والتفاهم والاحترام المتبادل.  
وارتكازًا على المبادرات والدعائم الاقتصادية التي أرساها الأمير الراحل رحمه الله، والتي كان من أبرزها تطوير مرافق البنية التحتية للدولة، وتوسيع القاعدة الصناعية بتدشين عدد من المشاريع الصناعية الكبرى مثل مصاهر شركة ألمنيوم البحرين ومعامل شركة الخليج للبتروكيماويات وأحواض إصلاح وبناء السفن التابعة لشركة “أسري” وغيرها، وترسيخ مكانة البحرين كمركز إقليمي للمصارف والخدمات المالية والاستثمارية في المنطقة، وافتتاح جسر الملك فهد الذي ربط سوق البحرين بالأسواق السعودية الواسعة وما بعدها، وغيرها من سلسلة المبادرات والمشاريع الإنتاجية التي هيأت المنصات اللازمة لانطلاق النهضة الاقتصادية والعمرانية التي شهدتها ولا تزال تشهدها البحرين في العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة الملك المعظم، حفظه الله ورعاه.
وستظل هذه الذكرى راسخة في ضمائرنا ووجداننا، وفي مثل هذا اليوم من كل عام سنقف وقفة إجلال وتقدير لذكرى وفاة والد الأمة ومؤسس نهضتها، المغفور له صاحب العظمة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمير البلاد الراحل، طيب الله ثراه وأحسن مثواه وجزاه خير الجزاء وأسكنه فسيح جناته.
وفي مثل هذا اليوم من كل عام سنقف وقفة إكبار وولاء لذكرى تقلد جلالة الملك المعظم حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم في البلاد، داعين لجلالته بدوام التوفيق والسداد، وبالسعادة وطول العمر، إنه سميع مجيب.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .