يحتفل المسلمون بليلة النصف من شعبان، فهي ليلة مباركة في شهر جليل، في شهر يمتاز بقربه من شهر رمضان المبارك، ويتمتع هذا الشهر بالكثير من الفضائل، ككثرة الصيام وغفران الذنوب في نصفه.
وهي من الليالي العظيمة عند المسلمين، من الليالي الدينية والاجتماعية بالغة الشرف، حيث يحتفل المسلمون بمولد الإمام “الثاني عشر” حفيد “رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم”، ويتوافق أبناء المجتمع على إحيائها تأكيدًا لهوية المجتمع وتخليدًا وتقديسًا لرموزه الدينية، كما هي مناسبة تحاكي تفاعل المجتمع واهتماماته.
ويحتفل الناس بهذه المناسبة بتوزيع المكسرات والحلويات على المترددين على البيوت من الفتيان والفتيات والأطفال، وبعضهم يقوم بتوزيع النقود بجانب المكسرات والحلويات.
وتعد العادات والمناسبات الاجتماعية والدينية من الأشياء المحببة في نفوس مواطني مملكة البحرين، ومنها تقديس الأشهر الشريفة وتعظيم مناسباتها، ومنها شهر شعبان، وليلة النصف من شعبان، فشعبان شهر تتضاعف فيه الحسنات، ويمنح الله العباد من فضله، ويغفر لهم بمنه، فهي ليلة لا يُرد الله سائلًا سأله فيها، كرمًا منه وتفضلًا على عباده.
وتتميز هذه الليلة عن غيرها بالفضل والتميز عن الليالي بالبرامج العبادية والتواصل بين أفراد المجتمع، وتقديم المأكولات التقليدية اللذيذة، وتقديم الهدايا والحلويات للأطفال الذين يجوبون الأحياء ويقصدون البيوت للحصول على المكسرات والحلويات والنقود، حيث يستعد كل بيت بتوفير ما يستطيع من هذه التقديمات المباركة، ما يخلق أجواء البهجة والسرور في المجتمع الواحد، وربط هؤلاء الأطفال والفتية بمجتمعهم والتثبت بتاريخهم وتراثهم العربي المجيد، وفي هذه المناسبة يتم أيضًا تنظيم العديد من المحاضرات الفكرية والثقافية والدينية.
واحتفال المسلمين بهذه الليلة المباركة ليس مجرد احتفال، بل استلهام العِبر والدروس من معانيها، والنهوض بأهدافها لتحقيق التقدم والتطور لهم ولبلادهم، في وقت يعيش فيه العالم عصرا منكوبا بالأزمات، من سياسية واقتصادية واجتماعية، ويتطاول على أمتنا العدو باختلاف لغاته وشرائعه من كل حدبٍ وصوب، حيث يُحيك العدو مؤامراته ويعيش المواطن العربي غريبًا في دياره، ومهددا بالعدوان واحتلال ما تبقى من تراب دياره.
ليتنا نستلهم العِبرة والدروس من هذه المناسبة، بتكاتفنا معًا والذود عن ديارنا، وبغرس المحبة والمودة بيننا بعيدًا عن النزاعات والصراعات التي تفكك وحدتنا وتضعف عزيمتنا وتشل قدراتنا، وأن نستثمرها من أجل تحسين ذاتنا وتقوية مجتمعنا ورفع مستوانا الفكري والثقافي والاجتماعي والاقتصادي، وأن تكون احتفالاتنا بهذه المناسبة باعثًا لتحقيق ما نطمح من التطلعات والتحديث نحو الأفضل والأحسن إنسانيًا ووطنيًا ومجتمعيًا.
كاتب وتربوي بحريني