رغم الجهود الواسعة والكثيفة التي تقوم بها إدارة حماية المستهلك بوزارة الصناعة والتجارة لملاحقة التجار الذين يتلاعبون بالأسعار ويرفعونها بشكل غير مبرر، الأمر الذي يؤدي إلى إرهاق جيوب المواطنين، إلا أنه لا يزال هناك عدد من المحلات التي تعمل بقدرات متعددة وعجيبة في التلاعب بأسعار بعض السلع الاستهلاكية، نظير ما تتمتع به من مهارات في محيطها، فعلى سبيل المثال تدخل سوبر ماركت يبيع سلعة معينة بخمسمئة فلس، وتجد نفس السلعة في سوبرماركت آخر بستمئة فلس، ومثل هذه القفزات الاستعراضية البرامجية في الأسعار - وهي منتشرة على نطاق واسع ولكن قد لا يلتفت إليها البعض لأن العملية مرتبطة بمئة فلس أو أكثر قليلًا - تؤكد أن بعض التجار لديهم تطوير في مناهج استغلال جيب المواطن وأشبه باللائحة الداخلية التي قد لا تلتفت إليها الجهات المعنية.
منذ فترة طويلة وأنا أشاهد هذه الظاهرة في أسواقنا، بداية اعتقدت أنها السوق المفتوحة وطريقة عملها، وينبغي على المستهلك تقديم التضحيات، لكن مع مرور الوقت أدركت أنها لعبة وخصائص يتميز بها بعض التجار الذين ينحصر نشاطهم في إطار “المئة فلس والمئتي فلس ولغاية خمسمئة فلس”، لسبب بسيط هو صياغة نظرية سيسيولوجية مفادها أن القليل غير ملاحظ وأن الأجزاء أو الأنساق الفرعية لا تؤثر، ومن هنا يتشجعون على الاستمرار في الضحك على المواطن البسيط واستغلاله بطريقة متوازنة وبترتيب، فتخيل لو أن هذا التاجر أو المحل باع على 100 مستهلك سلعة فيها زيادة مئة فلس عن سعرها الحقيقي، فسيكون ربحه عشرة دنانير.
نحن عندما نتحدث عن التلاعب بالأسعار، إنما نوجّه الأنظار إلى حقيقة أننا ينبغي أن نخرج من إطار الجمود الذي يحيط ببعض من يتساهل بالمبالغ الزهيدة، فهناك فئات أكثر حاجة لها.