العدد 5956
الإثنين 03 فبراير 2025
سكان غزة... العودة والترانسفير!
الإثنين 03 فبراير 2025

 شكّل المشهد الملحمي لعودة مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال غزة بعد أكثر من 15 شهرًا من الإبادة والتهجير والتجويع، رسالة تعبّر بوضوح عن إرادة البقاء والتشبث بالأرض، بالرغم من النتائج الكارثية للعدوان الذي دمر معظم أوجه الحياة في مختلف أرجاء غزة. ومن المفارقات أن تتصادف هذه العودة مع إطلاق الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعوة لتهجير الفلسطينيين من غزة - والذي عجزت آلة الحرب الإسرائيلية عن تحقيقه - بـ “نقل مليون ونصف مليون من سكان غزة إلى مصر والأردن”، فكان مشهد العودة ردًّا فوريًّا على هذا المشروع، (وهو في الأصل مشروع أقصى اليمين الإسرائيلي)، حيث أكد الشعب الفلسطيني في غزة أنه ثابت في أرضه، لا يغادرها ولا يمكن اقتلاعه منها مهما كانت الظروف صعبة.
 إلا أن هذا الشعب الذي ضحّى بكل شيء، وتحمل حرب الإبادة، يستحق الحرية وأن يعيش بأمن وسلام، وأن تكون له قيادات أفضل من تلك الموجودة حاليًّا، لتعمل على تحقيق وحدة الصف الفلسطيني، وإنهاء حالة الانقسام الداخلي، وتكون قادرة على مخاطبة العالم بلغة جديدة وموحدة، لتحويل الضعف إلى قوة سياسية ودبلوماسية، تدفع العالم إلى مساعدة الفلسطينيين على بناء دولتهم على أرضهم وفقًا لقرارات الشرعية الدولية التي يجب أن يتمسك بها الفلسطينيون، بعد أن تبيّن بوضوح أن حرب الإبادة مهما طالت وكانت قاسية، لا يمكنها أن تقهر إرادة الشعب في الحياة، هذا الشعب الذي لن يقبل بإعادة إنتاج نكبة 1948م من خلال مشاريع الترانسفير، بالرغم من كل الأوجاع وفجائع الفقد. 

 إن خطر “التهجير” يضرب بجذوره في قلب الفكر الإسرائيلي، وفي قلب المشاعر والتصريحات والممارسات المرتبطة بضم الأرض الفلسطينية المحتلة في الضفة والقطاع، وترحيل السكان الأصليين من أرضهم، كما يزال قائمًا بتشجيع ودعم أميركي، لكن الأرض الفلسطينية ستبقى وطنًا لشعب متجذّر فيها منذ آلاف السنين، ولن تستطيع أية قوة في العالم اقتلاعه منها، مثلما قال الشاعر الفلسطيني توفيق زياد:
“إنا هنا باقون... هنا على صدوركم باقون كالجدار... وفي عيونكم زوبعة من نار... إنا هنا باقون فلتشربوا البحر....”.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية