سلاح الفصائل المسلحة خارج إطار الدولة، يأتي في مقدمة الملفات الأكثر تعقيدًا في العراق، والذي ليس من السهل إيجاد حلول عملية له دون أن يكون لذلك أثر قد يطولُ استقرار العراق، وهو الأمر الذي يعيه قادة هذه الفصائل، لذا يستخدمون هذه الورقة كأداة لتثبيت أمر واقع، وأيضًا في التخادمات الحزبية والحصول على مزيد من النفوذ الاقتصادي والأمني والسياسي، وبالتالي تجذير حضور هذا السلاح، وتكبيل قدرة أية حكومة عراقية على حصره، حتى لو كانت هناك نوايا مستقبلية تجاه ذلك. هذه المليشيات التي انتشرت بشكل كبير في السنوات العشر الأخيرة، تمارس الزبائنية السياسية، وبات لديها اقتصادها الموازي، وهو أمر بالغُ الخطورة ليس على دول الجوار العراقي وحسب، بل على الدولة العراقية ذاتها؛ وهو ما يفسر تفشي الخطابات الدينية المسيسة التي تقوم على تقديم مصالح حزبية وطائفية، والتموضع ضمن محاور إقليمية، هي على الضد من المصلحة الوطنية العراقية.
وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، وفي حوار مع صحيفة “الشرق الأوسط”، أشار إلى أن بقاء السلاح خارج إطار الدولة “غير مقبول”، وأن الحكومة “تحاول إقناع الفصائل المسلحة”، وفي ذلك إفصاح عن قلق حكومي من استمرار تفشي السلاح غير القانوني، وأيضًا إعلان وإن غير رسمي عن محدودية فاعلية إجبار المليشيات على تسليم سلاحها!
المليشيات من جهتها، اعتبرت أن “تصريحات وزير الخارجية غير واقعية فيما يتعلق بسلاح المقاومة ومستقبلها”، وفق رئيس المكتب السياسي لـ “حركة النجباء” علي الأسدي.
ما يشير صراحة إلى أن هذه “التنظيمات الولائية” لا تزال متمسكة بسلاحها، رغم التغيرات البنيوية التي أصابت منطقة الشرق، والخطر الجدي المحدق بالعراق، كونه يضم عددًا من الفصائل التابعة لـ “محور المقاومة”.
هي معضلة حقيقية، تحتاج حلولًا عاجلة وجادة وإن كانت مؤلمة، دون الوقوع في شركِ الاقتتال الأهلي، فهل الحكومة بإمكانها فعل ذلك، بمنهجية تمزج الحكمة بالحزم والبصيرة بالدهاء؟!.
كاتب وإعلامي سعودي