مواطن من إحدى الدول الآسيوية انتظر ثلاثين عامًا ليستطيع تأدية مناسك العمرة، تبدلت الأحوال وكانت الأيام تمر ثقيلة عليه كأنها دُهور، وكان ينتظر فرصة أو مكالمة هاتفية من الجهات المسؤولة تغيّر مجرى حياته وتنطلق به نحو هدفه الأخير.
عندما شاهدت هذا الرجل في برنامج تلفزيوني عن رحلات الطيران يقدمه أحد مشاهير “السوشال ميديا”، تذكرت النعم الكثيرة التي نعيش فيها، نعم لا تُعد ولا تُحصى تستحق الحمد والشكر، فهناك من يسافر مرتين وربما ثلاث مرات في السنة لتأدية العمرة بكل سهولة ويسر، بينما ذلك الرجل انتظر ثلاثين عامًا حتى يخرج من بلاده ليرى النور في الخارج والشمس الدافئة منذ أعوام كثيرة، تعذّب وصرف أموالًا كثيرة وتمسّك بذرات الأمل الذي يغلّفه صبر أيوب حتى يُبعث من جديد.
ولا ننسى كذلك نعمة الأمن والأمان والاستقرار، فنحن نعيش ولله الحمد في بلد آمن، بعيدًا عن الخوف والحروب، وهي هدية لا يملكها جميع البشر، بينما غيرنا يلهث من الخوف وحياته مثل الساقية التي تدور، ساقية لا تكف عن الدوران ولا تقف طول الزمان، والمستقبل بالنسبة لهم صفحة من طوب وأسمنت وحديد، بشر تمتلئ أقفاص صدورهم بالماء المالح من المعاناة والحرمان، ونساؤهم لا يخلعن ثوب الحداد أبدًا.
لن أردّد المقولة المعروفة “من يرى مصائب الناس تهون عليه مصيبته”، لكنني أقول لكل شخص يتذمر ويتصور بأنه يسير على خارطة من الالتواءات والخطوط المُدماة، عَدّد أشياءك المباركة وليس متاعبك، فالخير يمتد من حولك وتحمل إليك الريح رائحة الأمن والأمان الذي يفتقده غيرك، فتشق طريقها إلى أنفك وإلى روحك فتهزها هزًّا.