العدد 5942
الإثنين 20 يناير 2025
المنزل الأدبي والفني.. زهرة الغاردينيا
الإثنين 20 يناير 2025

 المنزل الأدبي والفني هو أجمل وأروع المنازل، باعتباره منزل الروح والعقل، فهذه النوعية من المنازل كالأعمدة الأثرية في المجتمع، والقلعة مرفوعة الرأس دائمًا، والقفص الذهبي بكل ما تحمله الكلمة من صور ومعان، منزل لا يمكن وصفه بكلمات بسيطة واضحة، إلا أنه كزهرة الغاردينيا المحبة للضوء الساطع.
 عندما تدخل أحد هذه المنازل بدعوة من صديق كاتب أو فنان، ستسمع شهقة النور وألوانًا مختلفة للحب والإنسانية والفكر، وستذوب في كل شيء. ميزة هذه البيوت، وأعني بيوت الأدباء والفنانين، خلوها من العقم والجمود والموت والغربة، لأنها محاطة بكل مفاهيم الجمال - جمال الكتب ودوافع النفس للقراءة والاطلاع - من كل المصادر والمجالات. المنزل الذي يخلو من الكتب وأهله لا يقرأون منفي في الزمان والمكان، وسيظل أداة عاجزة لا يمكن تحديد دورها في المجتمع، لأن الأدب والفنون، كما قيل قديمًا، لم تنشأ أساسًا إلا من أجل تحسين ظروف الإنسان وتنمية مواهبه وقدراته وتهيئة عالم أفضل وأجمل وأسعد له. وقد استطاع الفن والأدب على مر الأزمنة والعصور أن يلعبا دورًا بارزًا في حياة الشعوب وتوسيع مداركها، ودفعها إلى تحقيق أهدافها ومطامحها في جو من الطمأنينة والثقة، فمنذ فجر الخليقة حتى يومنا هذا، يسد الفن والأدب كثيرًا من الحاجات الفكرية والروحية والنفسية لجماهير البشر، وهذا يعني، من ناحية إنسانية وحضارية، أن الفن والأدب ثروة لابد من تنميتها وتطويرها من قبل الجميع، وأن استغلال هذه الثروة لخير البشرية كلها مهمة تاريخية كبرى.
 لا أذكر عدد بيوت الأصدقاء من الكتاب والفنانين التي دخلتها، وإذا كانت كمية الأكسجين في مياه المحيط تنخفض انخفاضًا شديدًا، فذلك يحدث لي عندما أدخل أحد تلك البيوت من شدة الذهول والتجول في المكتبة والقراءة.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .