في ظل الثورة الثقافية التي نعيشها في كل الاتجاهات، والتي قُدّمت بأشكال وأساليب مختلفة، يبقى الطفل هو من يُفترض أن نقدّم له أفضل المواد وأكثرها انسجامًا مع الواقع ومع نفسه وبيئته، وإلا فإننا سنغيّر مجرى الحياة الصحيح ونقلب الموازين بما يؤثر في ثقافة الطفل وميوله.
طفل أميركي أدمن قراءة قصص “الأبطال الخارقين” الذين نعرفهم جميعًا، وبعد مدة من الزمن لاحظ أهله محاولة الطفل تقليدهم في كل شيء، حتى في الطيران، ولولا لطف الله وتدخل الأم في آخر لحظة لتوفي الطفل، وعندما ناقشت الجهات المختصة الحادثة مع الأسرة، أوضحت أن الطفل مهووس بالأبطال ولا ينام إلا بعد أن يقرأ قصة أو قصتين.
لا نستهين بالأمر ونكتفي بالجلوس داخل إطار المتفرج، أولياء الأمور عليهم الانتباه لما يقرأ ويشاهد أطفالهم، فهذه النوعية من القصص تُنمّي الوهم عندهم، وتجعلهم يلتفتون خارج أنفسهم إلى العون الذي يأتي بصورة معجزة خارقة للطبيعة، فتقل بذلك فرص التفكير التأملي وفرص الاعتماد على الذات في مواجهة المشكلات الحياتية، وهذه مشكلة خطيرة جدًّا، ووجه الخطورة فيها أننا نعزل الطفل عن كل ما هو موجود في العالم حقيقة ونعطيه أشياء غير واقعية، كما أن تأثير مثل هذه القصص يتعدى الانفعال المؤقت ويظهر في سلوك المحاكاة الذي يقوم به الأطفال، فالجانب الخطر لمثل هذه المؤثرات هو ما تنطوي عليه تلك الأنماط السلوكية من اتجاهات فردية أو عدوانية نحو الحياة والمجتمع، وقد تمد هذه المؤثرات الأطفال باتجاهات نفسية “هروبية” نتيجة الحلول الخرافية التي يتصورونها بالنسبة لحياتهم ومشكلاتهم الخاصة.