العدد 5937
الأربعاء 15 يناير 2025
فاشلون مهما ارتفع استحسان أبواقهم
الأربعاء 15 يناير 2025

 هناك بعض الكتاب الذين يجمعون بين طرافة الموضوع والذكاء والمهارة في المعالجة، وكذلك المضمون الأخلاقي والتربوي والقرب من هموم رجل الشارع البسيط والتعبير عنها، وهناك من يتخذ الأدب والكتابة أداة لتحقيق أغراض شخصية أو دعائية، وهؤلاء فاشلون مهما ارتفع استحسان أبواقهم، وجُلّهم من الجيل الحالي، حيث يفتقدون إلى اللياقة والذوق ليكونوا كتابًا مُجيدين.
 قرأتُ خمس عشرة مجموعة قصصية قصيرة لعدد من كتابنا الشباب، ولا أقول أدباء، لأن الأدب كما هو مُتفق عليه الكتابة التي لها صفة الدوام والقيمة، وكل ما وجدته في تلك القصص ثرثرة عن الحياة بصورة مُزرية. هل يعلم كتاب هذا الجيل، ومَن يدّعي كتابة القصة القصيرة، بأن مكسيم جوركي بدأ يُسجّل تجربته بالكتابة وهو في الرابعة والعشرين من عمره، فجاءت تجربته مُختلفة في أعماقها عن تجربة كل الكتاب الآخرين، إذ تعرّف ثلاثة أرباع الشعب الروسي الذين يجهلون القراءة والكتابة، على تجربتهم الذاتية وحقيقة وجودهم من خلال جوركي، لأنهم عرفوا مثله الجوع والبؤس والقسوة وبحثوا مثله أيضًا عن السعادة في كل طرق روسيا اللانهائية فلم يجدوها؟
وقد تخصص جوركي في وصف البسطاء من الناس، ومن خلال قصصه القصيرة يصف لنا مُقابلاته التي تتم وهو يهيم في الطرق العامة، وهذا الاختيار له تفسيره، فهو لم يترك هذا الوسط تمامًا، بل يرى في وجود هؤلاء القوم عناصر الإرادة والعمل التي يريد أن يبثها في كل روسي.
القانون الجمالي الأساس للإبداع عند كاتب القصة القصيرة هو تلك المشاهد التي تُبيّن صدق الواقع الاجتماعي، وليس النجوم والمجرات وكل نظم الجاذبية المترامية في الفضاء الخارجي.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية