الموقع هو المفتاح الجديد إلى جانب الكلام المعسول بالنسبة للمتسولين الذين بين فترة وأخرى يغيرون “تكتيك” طرقهم ومد أيديهم ليُعطيهم الناس مما أعطاهم الله، ورغم تصدي الجهات الرسمية مشكورة لظاهرة التسول والحد منها واتخاذ الإجراءات القانونية والأمنية، إلا أن هناك بعض المواقع ما تزال تعج بالمنتظرين من أصحاب السؤال أو التسول والصياح وعدم الاعتماد على النفس، وتحديدًا داخل أروقة السوق الشعبي بمدينة عيسى المقابل لمحل رامز.
في السابق، كنا نشاهد امرأة أو اثنتين من جنسية عربية ما تجر صبيًا أو بنتًا وتلقي عليك محاضرة حفظناها عن ظهر قلب تتعلق بضعف بنيان الأسرة والديون وإلى آخر المعلقات السبع، واليوم “صلب العود تحت عصف الريح” كما يُقال، وظهرت قصة “أحتاج مالا لشراء ملابس شتوية لأبنائي الذين ينتظرهم شتاء صارم”. حسنًا، وأين أبناؤك؟ “في البيت مع والدهم المريض المقعد”. نعلم أن الشتاء هو أشد عداوة للإنسان، لكن هذه المتسولة - بالمناسبة كانت تلبس ملابس ثقيلة - تريد أن ترسل سفن عطفنا إلى البحار المجهولة.. وبعد الأخذ والعطاء انكشف الأمر وعرفت أنها من أصحاب المؤهلات الباهرة والبارعة في التسول، وقد ذكرتني بالرجل الآسيوي الذي طرق باب بيتنا قبل سنوات على أنه مسلم يريد مساعدة أمه المريضة، وفتح لنا ظرفًا فيه مليون ورقة على أنها تقارير طبية. في البداية لم أدهش من حديثه، لكن سرعان ما عرفت فشل خطة عملية التجميل التي قام بها وتصور بأنها من ضرورات المهنة، فلم يكن مسلمًا، بل من طائفة وديانة أخرى لأنه كان يضع على معصمه سوارًا حديديًا نعرفه!