الزيارة الناجحة التي قام بها ملك البلاد المعظم صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حفظه الله ورعاه، إلى سلطنة عُمان الشقيقة، والتي تكللت بنجاح منقطع النظير، تثبت يوما بعد الآخر أن مليكنا المعظم يرى في التكامل مع الأشقاء والأصدقاء، ما يؤكد أن إقليمنا الخليجي الكبير آن له أن يتوحد، وحان موعد إطلاق إمكاناته والبناء على جذوره وثوابته، وتتويج هذا كله بالمواكبة مع الأمنيات والاحتياجات وتذويب الفوارق اللوجستية بينهما.
نعم.. لقد أسفرت هذه الزيارة الميمونة عن 25 مذكرة تفاهم واتفاقية يصب معظمها في إقامة شراكة اقتصادية لها أصول، ولديها لوائح واختيارات، وتمتلك من عوامل البقاء ما يكمن في النفوس من محبة على المدى من التاريخ.
ولعل في القرار المحوري الذي يستهدف تشجيع القطاعين العام والخاص على تنويع الشراكة الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين الشقيقين ما يصب في اتجاه تطوير المهارات الفردية، والارتقاء بالمواهب الإنسانية، وتأكيد تألقها في مختلف المحافل والمجالات بعد حصولها على التعليم الراقي والتدريب المتخصص في مجالات التكنولوجيا الفائقة، والمعرفة المتألقة، وعوالم الرقمية وتحديثات العلوم والآداب التي تربطها علاقات وثيقة على المدى من الزمن القريب، والتاريخ البعيد.
لقد أثبتت مملكة البحرين وسلطنة عُمان أنهما منذ الماضي البعيد تعتمدان في مواردهما على القدرات البشرية الخلاقة، على الفِكر الإنساني المبدع، وليس على موارد ناضبة، ذلك أنهما أدركتا منذ المهد من العمر الأممي أن الثروة الحقيقية في الإنسان، في حصوله على تعليم راق مواكب لثورة الحداثة المعلوماتية والعلمية، وفي تنويع مصادر دخل الاقتصاد وإقامة شراكات نوعية متقدمة مع الدول التي بدأت عصر النهضة تزامنا مع انطلاقه، وترافقا مع مقوماته ونتاجاته.
من هنا، جاءت الأهمية البالغة لزيارة ملكينا المعظم إلى السلطنة الشقيقة، ومن ثم الالتقاء بسلطان عُمان هيثم بن طارق وكبار المسؤولين في الدولة الخليجية العريقة، ما أسفر عن تلك الاتفاقيات غير المسبوقة، وعن ذلك التعاون، الذي يأتي والأمة العربية جمعاء تمر بنفق تاريخي خطير، مفاده إحداث القلاقل والفتن والاضطرابات، وهو ما يؤكد مرة ثانية وثالثة وألف ضرورة تلاحم أبناء منطقتنا، وأهمية توافقها في القضايا المحورية المصيرية، بل والإضافة عليها من خلال تطوير عوامل النهوض بالاقتصاد، وصولاً إلى النماء المستدام.
ولأن يدا واحدة لا تُصفق؛ فإن كل ما يصب باتجاه مشاريع الشراكة الاقتصادية المتنوعة سوف يأتي ضمن ضرورات لا غِنى عنها، أهمها:
1. توافق الرؤى السياسية في جميع القضايا الأساسية التي ترتبط بأمن وأمان أوطاننا، وتعزز الاستقرار والازدهار فيها.
2. ضرورة تعبيد الدروب المؤدية إلى تحقيق أهداف استراتيجية لضمان آليات التوافق الثنائي، شريطة أن يصب في مصلحة الشعوب تتويجا للحمتها ووحدتها.
3. أن يتم تحقيق ذلك من خلال شراكات نوعية طوعية بين البلدين الشقيقين من أجل استدامة النماء، والارتقاء بمختلف العوامل التي تحقق العدالة في توزيع الأعباء، والنجاعة في حل المشكلات ومواجهة القضايا المصيرية المُلِحة.
4. الاتفاق التام في القضايا المصيرية الإقليمية التي توحد ولا تُفرق، وتجمع الشمل لا أن تعمق الاختلاف، وتسد الثغرات، لا أن تضيف إليها معضلات أخرى.
هذا هو ما يجعل هذه الزيارة المباركة تؤتي ثمارها، وتعزز الهدف المرجو منها.
عاشت البحرين حرة أبية، وعاشت سلطنة عُمان دولة شقيقة عزيزة آمنة، وعاشت بلادنا مزدهرة مستقرة.