العدد 5920
الأحد 29 ديسمبر 2024
بين نبوءات المنجمين وحقائق الأوطان
الأحد 29 ديسمبر 2024

يهل علينا قريبا عام ميلادي جديد، سنة مرت، وسنة أخرى تجيء، كل التوقعات تبوء بالفشل، “لقد كذب المنجمون”، ورغم ذلك يصدقهم الناس، ولكن ذلك لا يمنع أن نصدق أمنياتنا، أن نؤمن بأنفسنا، أن نراعي الله فيها وفي أوطاننا، أن نلتمس العذر لمن أخفق، والتهنئة لمن أصاب، أن نقول للجميع كل عام وأنتم بخير، مهما كان المنال صعبا، والأمل بعيدا، والأحلام عصية.
نعم.. كل عام وأنتم بخير، رغم كل ما يحيط بنا من تحديات، من مخاطر، من رياح معاكسة، من توقعات لكواكب نشطة، ونجوم ثائرة، وطبيعة غادرة. المنجمون أثاروا ما أثاروه قبل أيام، ليلى عبد اللطيف - المنجمة اللبنانية - تبحث عن النجومية وسط النجوم، وبسنت يوسف المصرية تفتح “التاروت” وتلعب بالورق لعبا، لكنهما في جميع الأحوال تتنبآن بالمفقود الذي سيتم العثور عليه، بالضائع الذي سيعود، وللميت الذي سيخرج من تحت الثرى. بسنت يوسف لا تتنبأ بأن العام لن يبدأ بخير، وتقول أن أزمة دولية سوف تبدأ شمسها في البزوغ مع قدوم 2025، وسوف تواصل تفاعلاتها حتى نهاية أبريل من العام ذاته. رغم ذلك تعود وتتحدث السيدة بسنت عن التقاء كواكب غاضبة “نبتون وبلوتو وأورانوس” مع بعض الأبراج، وهو ما ينبئ بأن أصحاب هذه الأبراج لو كانت هوائية أو نارية أو ترابية سوف تتحرك باتجاه، أو في عكس اتجاه الكواكب المثيرة للفضول والشغف. 
رغم أنه كذب المنجمون ولو صدقوا أو “ولو صدفوا” أي ولو تصادف وأن صدقوا، إلا أن الواقع يكشف عن نفسه، إقليميا ودوليا، حيث تأتي الرياح بما لم نكن نشتهي. محليا، نحمد الله على نعمه، على رحمته، على رخاء وأمن وأمان بلادنا، على قادتنا ورجالنا الأوفياء وشعبنا المخلص، على كل ما تحقق خلال عام مضى، وما نأمل منه أن يتحقق خلال عام قادم بإذن الله تعالى.
التعليم ثم التعليم ثم التعليم، ليكن ذلك هو شعار المرحلة وكل مرحلة، التعليم بما تحقق لنا فيه خلال العام 2024، وما نأمل أن يحقق لنا كأكاديميين خلال العام 2025 وما بعده من أعوام، المنظومة التعليمية وقد اكتمل بنيانها المرصوص، وتراصت معطياتها أمام المتعاطين معها من هيئات ومؤسسات وجامعات ومعاهد ومراكز تدريب وغيرها، جميعها تبدأ في إعادة ترتيب أوراقها ليصبح العام الجديد أفضل، والعلم الوافد مع العلم المنتج ذاتيا على أعلى درجة من التأهب للوفاء باحتياجات الواقع المتعاظمة.

قلناها: فلننتج المعرفة، بدلا من أن نستهلكها، وأعدنا الكرة من جديد أو ها نحن الآن نعيدها مرة أخرى إلى مسامع المتابعين، العلم ثم العلم ثم العلم، هو الحل يا جماعة الخير، هو مربط الفرس قبل أن تطير الطيور بأرزاقها مثلما يقول آباؤنا وأجدادنا، لا مفر لنا من أن نكون راعين مراعين لأهمية البحث العلمي، الاستقصاء المعرفي، الابتكار والاختراع لكل ما نسعى للتعامل معه في حياتنا اليومية، وفي أيامنا الصعبة القادمة.
ونحمد الله ونشكر فضله أن بلادنا تنعم بالأمن والأمان، بالازدهار والاستقرار، وينبغي عليها أن تراعي ذلك الإنجاز بإضافة إنجازات علمية أخرى، التحلي بالمعرفة، والتجلي من أجل أن تكون لدينا صناعة عملاقة، وبحث علمي متقدم، وخريج يفهم في أصول العلوم والفنون وفروعها، هو ما يجعلنا أكثر قدرة على إنتاج المعرفة بكل تفرعاتها، وكل آمالنا وأحلامنا من أجل وطن أزهى، وبلاد أعز، ومستقبل مشرق بإذن الله، وكل عام وبحريننا الحبيبة بألف خير.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .